2857-
عن أبي ثعلبة قال: يا رسول الله إن لي كلابا مكلبة فأفتني في صيدها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن كان لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكن عليك».
قال: ذكيا أو غير ذكي؟ قال: «نعم».
قال: فإن أكل منه؟ قال: «وإن أكل منه».
فقال: يا رسول الله أفتني في قوسي؟ قال: «كل ما ردت عليك قوسك».
قال: ذكيا أو غير ذكي؟ قال: وإن تغيب عني؟ قال: «وإن تغيب عنك ما لم يضل أو تجد فيه أثرا غير سهمك».
قال: أفتني في آنية المجوس إن اضطررنا إليها.
قال: «اغسلها وكل فيها»
صحيح لغيره، دون ذكر إباحة الأكل مما أكل منه الكلب، لمخالفتها ما جاء في "الصحيحين" من حديث عدي بن حاتم، وقد سلف برقم (٢٨٤٨) و (٢٨٥٤)، وقد أعله البيهقي في "السنن الكبرى" ٩/ ٢٣٨ بما رواه شعبة بن الحجاج، عن عبد ربه بن سعيد الأنصاري، عن عمرو بن شعيب، عن رجل من هذيل: أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكلب يصطاد، فقال: "كل أكل أو لم يأكل"، وأعله كذلك ابن حزم بأن رواية عمرو عن أبيه، عن جده صحيفة، وما علله به ليس بعلة.
وقد ذهب قوم إلى تحسين القول في هذا الحديث، فقال ابن عبد الهادي في "التنقيح" ٣/ ٣٧٢، وفي "المحرر" (٧٤٨): إسناده صحيح، وكذلك صحح إسناده ابن الملقن في "البدر المنير" ٩/ ٢٤١، وقال ابن كثير في "تفسيره" عند تفسير قوله تعالى: {وما علمتم من الجوارح} [المائدة: ٤]: إسناده جيد، ومن ذهب إلى تصحيح الحديثين حديث عدي بن حاتم وهذا الحديث جمع بينهما بما يزيل ذلك التعارض بالوجوه التي سبق ذكرها عند حديث أبي ثعلبة السالف برقم (٢٨٥٢).
وأخرجه أحمد (٦٧٢٥)، والدارقطني (٤٧٩٧)، - والبيهقي ٩/ ٢٣٧ - ٢٣٨ و ٢٤٣ من طريق حبيب المعلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (٤٢٩٦) من طريق أبي مالك عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو ابن شعيب، به إلا أنه قال في روايته: "وإن قتلن"، ولم يقل: "وإن أكل منه" ولم يذكر آنية المجوس.
وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (٢٨٦١).
وأما استعمال آنية المجوس فقد جاء في حديث أبي ثعلبة نفسه عند أحمد (١٧٧٣٣)، والترمذي (١٥٣٢) منصوصا، وجاء عند البخاري (٥٤٩٦)، ومسلم (١٩٣٠) من حديث أبي ثعلبة كذلك، لكنه قال: "آنية أهل الكتاب" فذكر: أهل الكتاب، ولم يذكر: المجوس، لكن أورده البخاري وترجم له بقوله: باب آنية المجوس والميتة.
وسيأتي عند المصنف برقم (٣٨٣٩).
وسيأتي في حديث جابر بن عبد الله عند المصنف (٣٨٣٨) قال: كنا نغزو مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم، فنستمتع بها، فلا يعيب ذلك عليهم.
قال الخطابي: المكلبة: المسلطة على الصيد، المضراة بالاصطياد.
وقوله: "ذكيا أو غير ذكي" يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون أراد بالذكي: ما أمسك عليك، فأدركه قبل زهوق نفسه، فذكاه، في الحلق واللبة، وغير الذكي: ما زهقت نفسه قبل أن يدركه.
والآخر: أن يكون أراد بالذكي: ما جرحه الكلب بسنه أو مخالبه فسال دمه، وغير الذكي ما لم يجرحه.
وقد اختلف فيما قتله الكلب ولم يدمه:
فذهب بعضهم إلى تحريمه.
وذلك أنه قد يمكن أن يكون إنما قتله الكلب بالضغط والاعتماد.
فيكون في معنى الموقوذة، وإلى هذا ذهب الشافعي في أحد قوليه.
وقوله: "ما لم يصل" أي: ما لم ينتن ويتغير ريحه.
يقال: صل اللحم وأصل لغتان، قلت (القائل الخطابي): وهذا على معنى الاستحباب دون التحريم، لأن تغيير ريحه لا يحرم أكله، وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل إهالة سنخة، وهى المتغيرة الريح.
وقد يحتمل أن يكون معنى "صل" بأن يكون قد نهشه هامة فصل اللحم، أي: تغير لما سرى فيه من سمها، فأسرع إليه الفساد.
وفيه النهي من طريق الأدب عن أكل ما تغير من اللحم بمرور المدة الطويلة عليه.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( كِلَابًا مُكَلَّبَة ) : بِفَتْحِ اللَّام الْمُشَدَّدَة , وَمَعْنَى الْمُكَلَّبَة الْمُسَلَّطَة عَلَى الصَّيْد الْمُضَرَّاة بِالِاصْطِيَادِ ( مَا لَمْ يَصُلّ ) : بِتَشْدِيدِ اللَّام أَيْ مَا لَمْ يُنْتِن وَيَتَغَيَّر رِيحه.
يُقَال صَلَّ اللَّحْم وَأَصَلَّ لُغَتَانِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَهَذَا عَلَى مَعْنَى الِاسْتِحْبَاب دُون التَّحْرِيم لِأَنَّ تَغَيُّر رِيحه لَا يُحَرِّم أَكْله , وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيّ أَكَلَ إِهَالَة سَنِخَة وَهِيَ الْمُتَغَيِّرَة الرِّيح , وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَى قَوْله صَلَّ بِأَنْ يَكُون هَامَّة نَهَشَتْهُ فَيَكُون تَغَيُّر الرَّائِحَة لِمَا دَبَّ فِيهِ مِنْ سُمّهَا فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ الْفَسَاد.
وَفِيهِ النَّهْي مِنْ طَرِيق الْأَدَب عَنْ أَكْل مَا تَغَيَّرَ مِنْ اللَّحْم بِمُرُورِ الْمُدَّة الطَّوِيلَة عَلَيْهِ اِنْتَهَى ( أَوْ تَجِد فِيهِ أَثَرًا غَيْر سَهْمك ) : أَيْ أَوْ مَا لَمْ تَجِد فِيهِ أَثَر غَيْر سَهْمك.
وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا وَجَدَ فِي الصَّيْد أَثَر غَيْر سَهْم لَا يُؤْكَل , وَهَذَا الْأَثَر الَّذِي يُوجَد فِيهِ مِنْ غَيْر سَهْم الرَّامِي أَعَمّ مِنْ أَنْ يَكُون أَثَر سَهْم رَامٍ آخَر أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَاب الْقَاتِلَة فَلَا يَحِلّ أَكْله مَعَ التَّرَدُّد ( أَفْتِنِي ) : أَمْر مِنْ الْإِفْتَاء ( فِي آنِيَة الْمَجُوس ) : جَمْع إِنَاء , وَفِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ " إِنَّا بِأَرْضِ أَهْل الْكِتَاب أَفَنَأْكُل فِي آنِيَتهمْ " وَعِنْد أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَاب الْأَطْعِمَة " إِنَّا نُجَاوِر أَهْل الْكِتَاب وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورهمْ الْخِنْزِير وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتهمْ الْخَمْر " ( إِلَيْهَا ) : أَيْ إِلَى تِلْكَ الْآنِيَة ( اِغْسِلْهَا وَكُلْ فِيهَا ) : وَفِيهِ أَنَّ مَنْ اُضْطُرَّ إِلَى آنِيَة مَنْ يَطْبُخ فِيهَا الْخِنْزِير وَغَيْره مِنْ الْمُحَرَّمَات وَيَشْرَب فِيهَا الْخَمْر فَلَهُ أَنْ يَغْسِلهَا ثُمَّ يَسْتَعْمِلهَا فِي الْأَكْل وَالشُّرْب وَقَدْ يَجِيء الْكَلَام فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي كِتَاب الْأَطْعِمَة.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى الِاخْتِلَاف فِي الِاحْتِجَاج بِحَدِيثِ عَمْرو بْن شُعَيْب.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا يُقَالُ لَهُ أَبُو ثَعْلَبَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي كِلَابًا مُكَلَّبَةً فَأَفْتِنِي فِي صَيْدِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ كَانَ لَكَ كِلَابٌ مُكَلَّبَةٌ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ قَالَ ذَكِيًّا أَوْ غَيْرَ ذَكِيٍّ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ قَالَ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنِي فِي قَوْسِي قَالَ كُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ قَالَ ذَكِيًّا أَوْ غَيْرَ ذَكِيٍّ قَالَ وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنِّي قَالَ وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنْكَ مَا لَمْ يَضِلَّ أَوْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرًا غَيْرَ سَهْمِكَ قَالَ أَفْتِنِي فِي آنِيَةِ الْمَجُوسِ إِنْ اضْطُرِرْنَا إِلَيْهَا قَالَ اغْسِلْهَا وَكُلْ فِيهَا
عن أبي واقد، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة»
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم - وقال مرة سفيان: ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال: «من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، و...
عن أبي ثعلبة الخشني، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رميت الصيد فأدركته بعد ثلاث ليال وسهمك فيه فكله ما لم ينتن»
عن عبد الله ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده»
عن عائشة، قالت: «ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا بعيرا ولا شاة ولا أوصى بشيء»
عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: مرض مرضا - قال ابن أبي خلف - بمكة، ثم اتفقا أشفى فيه فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي مالا كث...
عن أبي هريرة، قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم، يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: «أن تصدق وأنت صحيح حريص تأمل البقاء وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى...
عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يتصدق المرء في حياته بدرهم خير له من أن يتصدق بمائة درهم عند موته»
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار» قال...