3061- عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن غير واحد، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية، وهي من ناحية الفرع»، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم
إقطاع النبي - صلى الله عليه وسلم - بلال بن الحارث المزني صحيح، وأما ذكر الزكاة في هذه المعادن فليس يصح، وهذا إسناد ضعيف لإبهام من حدث ربيعة بن أبي عبد الرحمن - وهو المعروف بربيعة الرأي - وأغلب الظن أنه ليس من الصحابة، إذ لا يصح لربيعة رواية عن أحد من الصحابة خلا أنس بن مالك، وذكر الذهبي في "السير" أيضا السائب ابن يزيد وهو صحابي صغير مات سنة إحدى وتسعين، وعليه يكون الحديث مرسلا كذلك كما قال المنذري في "اختصار السنن".
وقد ضعف هذا الحديث غير واحد من أهل العلم: فقد ضعفه الشافعي فيما نقله عنه البيهقي في "السنن الكبرى" ٤/ ١٥٢ وهو في "الأم" ٢/ ٤٣، حيث قال: ليس هذا مما يثبته أهل الحديث رواية، ولو أثبتوه لم يكن فيه رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا إقطاعه، فأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه.
وضعفه كذلك أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب "الأموال" في آخر باب الخمس في المعادن والركاز، فقال: حديث منقطع، ومع انقطاعه ليس فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك، وإنما قال: يؤخذ منه الزكاة إلى اليوم، ونقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" ٢/ ٣٨٠.
وضعفه أيضا ابن عبد البر في "التمهيد" ٧/ ٣٣ فقال: هذا حديث منقطع الإسناد، لا يحتج بمثله أهل الحديث، ولكنه عمل يعمل به عندهم في المدينة.
وهو في "موطأ مالك" ١/ ٢٤٨ - ٢٤٩، ومن طريقه أخرجه أبو عبيد في "الأموال" (٨٦٤)، والبيهقي ٤/ ١٥٢ و ٦/ ١٥١، والبغوي في "شرح السنة" (١٥٨٨).
وقد وصل قصة أخذ الصدقة - وهي الزكاة - من معادن القبلية: نعيم بن حماد عند ابن الجارود في "المنتقى" (٣٧١)، وابن خزيمة (٢٣٢٣)، والحاكم ١/ ٤٠٤، والبيهقى ٤/ ١٥٢ و ٦/ ١٤٨، ويوسف بن سلمان البصري، عند ابن عبد البر في "التمهيد" ٣/ ٢٣٧، كلاهما (نعيم ويوسف بن سلمان) عن عبد العزيز الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن الحارث بن بلال بن الحارث المزني، عن أبيه.
زاد ابن خزيمة والحاكم والبيهقي في روايتهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقطع بلالا العقيق كله.
وبهذا الإسناد نفسه روي حديث فسخ الحج، وقال ابن القطان في "بيان الوهم" ٣/ ٤٦٨: الحارث بن بلال هذا لا يعرف حاله، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، سألت أبي عن حديث بلال بن الحارث المزني، فقال: لا أقول به، وليس إسناده بالمعروف، ولم يروه إلا الدراوردي وحده.
وستأتي قصة إقطاع بلال بن الحارث معادن القبلية بعده وبرقم (٣٠٦٣) من حديث ابن عباس.
وسنده حسن في المتابعات والشواهد.
وستأتي قصة الإقطاع كذلك من حديث كثير بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جده، وبرقم (٣٠٦٣).
وكثير بن عبد الله حسن الرأي فيه البخاري والترمذي، وضعفه الآخرون، وبالغ بعضهم فاتهمه بالكذب، وأعدل القول فيه أنه ضعيف يعتبر به، فروايته هذه حسنة في المتابعات والشواهد.
وأخرج قصة إقطاع النبي - صلى الله عليه وسلم - بلالا البيهقي ٦/ ١٤٩ من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن رجل من أهل المدينة - قال: قطع النبي - صلى الله عليه وسلم - العقيق رجلا واحدا فلما كان عمر كثر عليه فأعطاه بعضه وقطع سائره الناس.
وهذا إسناد صحيح إن كان الرجل المديني صحابيا، فإن طاووسا جل روايته عن الصحابة.
والرجل الذي أقطعه النبي - صلى الله عليه وسلم - هو بلال بن الحارث، صرح بذلك ابن خزيمة والحاكم والبيهقي كما سلف.
وأخرجها كذلك يحيي بن آدم في "الخراج" (٢٩٤)، ومن طريقه البيهقي ٦/ ١٤٩ من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم - مرسلا - قال: جاء بلال بن الحارث المزني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستقطعه أرضا، فقطعها له طويلة عريضة، .
وأخرجها كذلك أبو عبيد في "الأموال" (٨٦٧) من طريق أبي مكين نوح بن ربيعة، عن أبي عكرمة مولى بلال بن الحارث قال: أقطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا أرض كذا، من مكان كذا إلى كذا، وما كان فيها من جبل أو معدن، قال: فباع بنو بلال من عمر بن عبد العزيز فخرج فيها معدنان، فقالوا: إنما بعناك أرض حرث ولم نبعك المعدن، وجاؤوا بكتاب القطيعة التى قطعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبيهم في جريدة.
قال: فجعل عمر يمسحها على عينيه، وقال لقيمه: انظر ما استخرجت منها وما أنفقت عليها، فقاضهم بالنفقة، ورد عليهم الفضل.
قال أبو عبيد (٨٦٤): معادن القبلية: بلاد معروفة بالحجاز وهي في ناحية الفرع.
والفرع: من أعمال المدينة: وهي قرية من نواحي الربذة عن يسار السقيا بينها وبين المدينة ثمان برد على طريق مكة.
وانظر تالييه.
قال أبو عمر بن عبد البر في "الاستذكار" ٩/ ٥٥ - ٥٧: وجملة قول مالك في "موطئه" أن المعادن مخالفة الركاز، لأنة لا ينال ما فيها إلا بالعمل، بخلاف الركاز، ولا خمس في المعادن، وإنما فيها الزكاة، وهي عنده بمنزلة الزرع، يجب فيها الزكاة، إذا حصل النصاب، ولا يستأنف به الحول، ولا زكاة عنده فيما يخرج من المعدن إن كان ذهبا حتى يبلغ عشرين دينارا أو مئتي درهم فضة.
وقال أشهب عن مالك: الذهب الثابت في الأرض يؤخذ بغير عمل هو ركاز وفيه الخمس، وقال الأوزاعي: في ذهب المعدن وفضته الخمس، ولا شيء فيما يخرج منه غيرهما.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: في الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص الخارج من المعدن الخمس كالركاز، وما كان في المعدن من ذهب وفضة بعد إخراج الخمس اعتبر كل واحد فيما حصل بيده منه ما تجب فيه الزكاة، فزكاه لتمام الحول.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( مَعَادِن الْقَبَلِيَّة ) : قَالَ فِي الْمَجْمَع : هِيَ مَنْسُوبَة إِلَى قَبَل بِفَتْحِ الْقَاف وَالْبَاء وَهِيَ نَاحِيَة مِنْ سَاحِل الْبَحْر بَيْنهَا وَبَيْن الْمَدِينَة خَمْسَة أَيَّام , وَقِيلَ هُوَ بِكَسْرِ قَاف ثُمَّ لَام مَفْتُوحَة ثُمَّ بَاء اِنْتَهَى.
وَفِي النِّهَايَة نِسْبَة إِلَى قَبَل بِفَتْحِ الْقَاف وَالْبَاء , وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ فِي الْحَدِيث.
وَفِي كِتَاب الْأَمْكِنَة : الْقِلَبَة بِكَسْرِ الْقَاف وَبَعْدهَا لَام مَفْتُوحَة ثُمَّ بَاء اِنْتَهَى ( وَهِيَ مِنْ نَاحِيَة الْفُرْع ) : بِضَمِّ فَاء وَسُكُون رَاء مَوْضِع بَيْن الْحَرَمَيْنِ.
قَالَ الزُّرْقَانِيّ فِي شَرْح الْمُوَطَّأ : الْفُرْع بِضَمِّ الْفَاء وَالرَّاء كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّهَيْلِيُّ وَعِيَاض فِي الْمَشَارِق.
وَقَالَ فِي كِتَابه التَّنْبِيهَات : هَكَذَا قَيَّدَهُ النَّاس وَكَذَا رُوِّينَاهُ.
وَحَكَى عَبْد الْحَقّ عَنْ الْأَحْوَل إِسْكَان الرَّاء وَلَمْ يَذْكُرهُ غَيْره اِنْتَهَى.
فَاقْتِصَار صَاحِب النِّهَايَة وَالنَّوَوِيّ فِي تَهْذِيبه عَلَى الْإِسْكَان مَرْجُوح.
قَالَ فِي الرَّوْض : بِضَمَّتَيْنِ مِنْ نَاحِيَة الْمَدِينَة ( لَا يُؤْخَذ مِنْهَا إِلَّا الزَّكَاة ) : أَيْ لَا الْخُمُس , فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى وُجُوب زَكَاة الْمَعْدِن.
قَالَ مَالِك أَرَى وَاَللَّه أَعْلَم أَنْ لَا يُؤْخَذ مِنْ الْمَعَادِن مِمَّا يَخْرُج مِنْهَا شَيْء حَتَّى يَبْلُغ مَا يَخْرُج مِنْهَا قَدْر عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا أَيْ ذَهَبًا وَقَدْر مِائَتَيْ دِرْهَم فِضَّة وَهِيَ خَمْس أَوَاقٍ , وَبِهَذَا قَالَ جَمَاعَة وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرهمَا : الْمَعْدِن كَالرِّكَازِ وَفِيهِ الْخُمُس يُؤْخَذ مِنْ قَلِيله وَكَثِيره.
وَالْحَدِيث الْمَذْكُور مُرْسَل عِنْد جَمِيع رُوَاة الْمُوَطَّأ , وَوَصَلَهُ الْبَزَّار مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ رَبِيعَة عَنْ الْحَارِث بْن بِلَال بْن الْحَارِث الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ.
وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيق ثَوْر بْن يَزِيد الدِّيلِيّ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَهُ الزُّرْقَانِيّ.
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ : هَذَا مُرْسَل , وَهَكَذَا رَوَاهُ مَالِك فِي الْمُوَطَّأ مُرْسَلًا وَلَفْظه عَنْ غَيْر وَاحِد مِنْ عُلَمَائِهِمْ.
وَقَالَ أَبُو عُمَر : هَكَذَا فِي الْمُوَطَّأ عِنْد جَمِيع الرُّوَاة مُرْسَلًا وَلَمْ يُخْتَلَف فِيهِ عَنْ مَالِك وَذَكَرَ أَنَّ الدَّرَاوَرْدِيَّ رَوَاهُ عَنْ رَبِيعَة عَنْ الْحَارِث بْن بِلَال بْن الْحَارِث الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ.
وَقَالَ أَيْضًا وَإِسْنَاد رَبِيعَة فِيهِ صَالِح حَسَن.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرْعِ فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَّا الزَّكَاةُ إِلَى الْيَوْمِ
عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جلسيها وغوريها - وقال...
عن كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية، جلسيها وغوريها، قال ابن النضر: وجرسها، وذا...
عن أبيض بن حمال، أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح - قال ابن المتوكل: الذي بمأرب فقطعه له - فلما أن ولى قال رجل من المجلس: أتدري...
عن أبيض بن حمال، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حمى الأراك؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حمى في الأراك» فقال: أراكة في حظاري، فقال...
عن عثمان بن أبي حازم، عن أبيه، عن جده صخر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا ثقيفا، فلما أن سمع ذلك صخر ركب في خيل يمد النبي صلى الله عليه وسلم، فوج...
عن سبرة بن عبد العزيز بن الربيع الجهني، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل في موضع المسجد تحت دومة، فأقام ثلاثا، ثم خرج إلى تبوك، وإن جه...
عن أسماء بنت أبي بكر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير نخلا»
حدثنا عبد الله بن حسان العنبري، حدثتني جدتاي صفية، ودحيبة، ابنتا عليبة، وكانتا ربيبتي قيلة بنت مخرمة، وكانت جدة أبيهما أنها أخبرتهما، قالت قدمنا على ر...
عن أسمر بن مضرس، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته، فقال: «من سبق إلى ماء لم يسبقه إليه مسلم فهو له» قال: فخرج الناس يتعادون يتخاطون