حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين - سنن أبي داود

سنن أبي داود | كتاب الطهارة باب الجنب يتيمم (حديث رقم: 332 )


332- عن أبي ذر قال: اجتمعت غنيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أبا ذر ابد فيها».
فبدوت إلى الربذة فكانت تصيبني الجنابة فأمكث الخمس والست، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أبو ذر».
فسكت فقال: «ثكلتك أمك أبا ذر لأمك الويل».
فدعا لي بجارية سوداء فجاءت بعس فيه ماء فسترتني بثوب واستترت بالراحلة، واغتسلت فكأني ألقيت عني جبلا فقال «الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك فإن ذلك خير» وقال: مسدد: «غنيمة من الصدقة»

أخرجه أبو داوود


صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عمرو بن بجدان، فقد ذكره ابن حبان في "الثقات" 171/ 5, وقال: يروي عن أبي ذر وأبي زيد الأنصاري، روى عنه أبو قلابة -واسمه عبد الله بن زيد الجرمي- ووثقه العجلي، وترجمه البخاري وابن أبي حاتم فلم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وصحح حديثه هذا الترمذي وابن حبان والحاكم، خالد الحذاء: هو ابن مهران.
وهو بطوله في "صحيح ابن حبان" (1311) و (1312).
وأخرج قوله: "الصعيد الطيب وضوء المسلم .
" الترمذي (124) من طريق سفيان، عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد.
وقال: حديث حسن صحيح.
وهو في "مسند أحمد" (21371).
وانظر ما بعده.
وله شاهد صحيح من حديث أبي هريرة عند البزار (310 - كشف الأستار)، والطبراني في "الأوسط" (1355)، ولفظ الطبراني: كان أبو ذر في غنيمة له بالمدينة، فلما جاء قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذر"، فسكت، فردها عليه، فسكت، فقال: "يا أبا ذر، ثكلتك أمك" قال: إني جنب، فدعا له الجارية بماء فجاءته، فاستتر براحلته واغتسل، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يجزئك الصعيد ولو لم تجد الماء عشرين سنة، فإذا وجدته فأمسه جلدك" ورجاله ثقات كما قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 261، وصحح إسناد ابن القطان في "الوهم والإيهام" 5/ 266.
قوله: "ابد فيها" أي: اخرج إلى البادية فيها.
والربذة: قرية من قرى المدينة على ثلاث مراحل منها قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز نزل بها أبو ذر الغفاري في عهد عثمان ومات بها، وقد ذكر في حديث البخاري (1406) سبب نزوله فيها، فقد جاء في الحديث نفسه أن زيد بن وهب سأل أبا ذر عن نزوله فيها، لأن مبغضي عثمان رضي الله عنه كانوا يشنعون على أنه نفى أبا ذر، وقد بين أبو ذر أن نزوله في ذلك المكان كان باختياره، وقد أمره عثمان بالتنحي عن المدينة لدفع المفسدة التي خافها على غيره من مذهبه الذي انفرد به من بين الصحابة أن كل مال مجموع يفضل عن القوت، وسداد العيش يعد كنزا ويحرم ادخاره، فاختار الربذة.
والعس: القدح الكبير.

شرح حديث (الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين)

عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي

‏ ‏( اِجْتَمَعَتْ غُنَيْمَة ) ‏ ‏: تَصْغِير غَنَم لِإِفَادَةِ التَّقْلِيل ‏ ‏( يَا أَبَا ذَرّ اُبْدُ ) ‏ ‏: بِصِيغَةِ الْأَمْر أَصْله أَبْدِ , وَيُقَال بَدَا الْقَوْم بَدْوًا , أَيْ خَرَجُوا إِلَى بَادِيَتهمْ , وَبَدَا الْقَوْم بَدَاء خَرَجُوا إِلَى الْبَادِيَة , وَتَبَدَّى الرَّجُل : أَقَامَ بِالْبَادِيَةِ , وَتَبَادَى : تَشَبَّهَ بِأَهْلِ الْبَادِيَة كَذَا فِي لِسَان الْعَرَب ‏ ‏( فِيهَا ) ‏ ‏: أَيْ فِي الْغَنِيمَة ‏ ‏( فَبَدَوْت إِلَى الرَّبَذَة ) ‏ ‏: بِفَتْحِ أَوَّله وَثَانِيه وَذَال مُعْجَمَة مَفْتُوحَة : مِنْ قُرَى الْمَدِينَة عَلَى ثَلَاثَة أَمْيَال مِنْهَا قَرِيبَة مِنْ ذَات عِرْق عَلَى طَرِيق الْحِجَاز إِذَا رَحَلْت مِنْ فَيْد تُرِيد مَكَّة , وَالْمَعْنَى خَرَجْت إِلَى الرَّبَذَة ‏ ‏( فَأَمْكُث الْخَمْس وَالسِّتّ ) ‏ ‏: أَيْ خَمْسَة أَيَّام وَسِتَّة أَيَّام , فَأُصَلِّي بِغَيْرِ طُهُور ‏ ‏( فَقَالَ ) ‏ ‏: النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏( أَبُو ذَرّ ) ‏ ‏أَيْ أَنْتَ أَبُو ذَرّ ‏ ‏( فَسَكَتَ ) ‏ ‏: وَفِي الرِّوَايَة الْآتِيَة فَقُلْت نَعَمْ إِلَخْ.
وَالتَّوْفِيق بَيْن الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الرِّوَايَة الْأُولَى اِخْتَصَرَهَا الرَّاوِي أَيْ فَسَكَتَ أَوَّلًا ثُمَّ قُلْت نَعَمْ كَمَا يَدُلّ عَلَيْهِ رِوَايَة الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَط ‏ ‏( ثَكِلَتْك أُمّك أَبَا ذَرّ ) ‏ ‏: الثُّكْل فِقْدَان الْمَرْأَة وَلَدهَا أَيْ فَقَدَتْك أُمّك , وَأَمْثَال هَذِهِ الْكَلِمَة تَجْرِي عَلَى أَلْسِنَتهمْ وَلَا يُرَاد بِهَا الدُّعَاء , وَكَذَا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّك الْوَيْل لَمْ يُرِدْ بِهِ الدُّعَاء , وَالْوَيْل الْحُزْن وَالْهَلَاك وَالْمَشَقَّة ‏ ‏( فَجَاءَتْ بِعُسٍّ ) ‏ ‏: بِضَمِّ الْعَيْن وَتَشْدِيد السِّين.
قَالَ الْجَوْهَرِيّ الْقَدَح الْعَظِيم وَالرَّفْد أَكْبَر مِنْهُ وَجَمْعه عِسَاس ‏ ‏( فَسَتَرَتْنِي بِثَوْبٍ ) ‏ ‏: أَيْ مِنْ جَانِب ‏ ‏( وَاسْتَتَرْت ) ‏ ‏: أَنَا مِنْ جَانِبٍ آخَر ‏ ‏( بِالرَّاحِلَةِ ) ‏ ‏: قَالَ الْجَوْهَرِيّ الرَّاحِلَة الْمَرْكَب مِنْ الْإِبِل ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ‏ ‏( فَكَأَنِّي أَلْقَيْت عَنِّي جَبَلًا ) ‏ ‏: شَبَّهَ الْجَنَابَة بِالْجَبَلِ فِي الثِّقَل.
يَقُول لَمَّا أَجْنَبْت وَمَا وَجَدْت الْمَاء كُنْت لِعَدَمِ الِاغْتِسَال مُكَدَّر أَوْ مُنْقَبِض النَّفْس كَأَنَّ عَلَى رَأْسِي الْجَبَل فَلَمَّا اِغْتَسَلْت زَالَ عَنِّي ذَلِكَ الثِّقَل فَكَأَنِّي طَرَحْت عَنِّي الْجَبَل ‏ ‏( الصَّعِيد الطَّيِّب وَضُوء الْمُسْلِم ) ‏ ‏: قَدْ اِخْتَلَفَتْ أَقْوَال أَئِمَّة اللُّغَة فِي تَفْسِير الصَّعِيد.
قَالَ الْإِمَام جَمَال الدِّين الْإِفْرِيقِيّ فِي لِسَان الْعَرَب : وَالصَّعِيد الْمُرْتَفِع مِنْ الْأَرْض , وَقِيلَ الْأَرْض الْمُرْتَفِعَة مِنْ الْأَرْض الْمُنْخَفِضَة , وَقِيلَ مَا لَمْ يُخَالِطهُ رَمْل وَلَا سَبَخَة , وَقِيلَ وَجْه الْأَرْض لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَتُصْبِح صَعِيدًا زَلَقًا } وَقِيلَ الصَّعِيد الْأَرْض , وَقِيلَ الْأَرْض الطَّيِّبَة , وَقِيلَ هُوَ كُلّ تُرَاب طَيِّب.
وَفِي التَّنْزِيل ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) : وَقَالَ الْفَرَّاء فِي قَوْله تَعَالَى { صَعِيدًا جُرُزًا } الصَّعِيد التُّرَاب وَقَالَ غَيْره هِيَ الْأَرْض الْمُسْتَوِيَة.
وَقَالَ الشَّافِعِيّ لَا يَقَع اِسْم صَعِيد إِلَّا عَلَى تُرَاب ذِي غُبَار.
فَأَمَّا الْبَطْحَاء الْغَلِيظَة وَالرَّقِيقَة وَالْكَثِيب الْغَلِيظ فَلَا يَقَع عَلَيْهِ اِسْم صَعِيد وَإِنْ خَالَطَهُ تُرَاب أَوْ مَدَر يَكُون لَهُ غُبَار كَانَ الَّذِي خَالَطَهُ الصَّعِيد وَلَا يَتَيَمَّم بِالنَّوْرَةِ وَبِالْكُحْلِ وَبِالزِّرْنِيخِ وَكُلّ هَذَا حِجَارَة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاج : الصَّعِيد وَجْه الْأَرْض.
قَالَ وَعَلَى الْإِنْسَان أَنْ يَضْرِب بِيَدَيْهِ وَجْه الْأَرْض وَلَا يُبَالِي أَكَانَ فِي الْمَوْضِع تُرَاب أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ الصَّعِيد لَيْسَ هُوَ التُّرَاب وَإِنَّمَا هُوَ وَجْه الْأَرْض تُرَابًا كَانَ أَوْ غَيْره.
قَالَ وَلَوْ أَنَّ أَرْضًا كَانَتْ كُلّهَا صَخْرًا لَا تُرَاب عَلَيْهَا ثُمَّ ضَرَبَ الْمُتَيَمِّم يَده عَلَى ذَلِكَ الصَّخْر لَكَانَ ذَلِكَ طَهُورًا إِذَا مَسَحَ بِهِ وَجْه.
قَالَ اللَّه تَعَالَى { فَتُصْبِح صَعِيدًا } لِأَنَّهُ نِهَايَة مَا يَصْعَد إِلَيْهِ مِنْ بَاطِن الْأَرْض لَا أَعْلَم بَيْن أَهْل اللُّغَة خِلَافًا فِي أَنَّ الصَّعِيد وَجْه الْأَرْض.
قَالَ الْأَزْهَرِيّ : وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاج أَحْسَبهُ مَذْهَب مَالِك وَمَنْ قَالَ يَقُولهُ وَلَا أَسْتَيْقِنهُ.
قَالَ اللَّيْث يُقَال لِلْحَدِيقَةِ إِذَا خَرِبَتْ وَذَهَبَ شَجَرهَا قَدْ صَارَتْ صَعِيدًا أَيْ أَرْضًا مُسْتَوِيَة لَا شَجَر فِيهَا.
وَقَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ : الصَّعِيد الْأَرْض بِعَيْنِهَا وَالصَّعِيد الطَّرِيق سُمِّيَ بِالصَّعِيدِ مِنْ التُّرَاب اِنْتَهَى كَلَامه بِحُرُوفِهِ.
وَقَالَ فِي الْقَامُوس : الصَّعِيد التُّرَاب أَوْ وَجْه الْأَرْض.
وَفِي تَاج الْعَرُوس شَرْح الْقَامُوس مِثْل مَا فِي اللِّسَان.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ فِي الصِّحَاح عَنْ الْفَرَّاء الصَّعِيد التُّرَاب.
وَقَالَ ثَعْلَب : وَجْه الْأَرْض لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَتُصْبِح صَعِيدًا زَلَقًا } اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْعَيْنِيّ فِي شَرْح الْبُخَارِيّ ( صَعِيدًا طَيِّبًا ) : أَيْ أَرْضًا طَاهِرَة.
وَفِي الْجَمْهَرَة وَهُوَ التُّرَاب الَّذِي لَا يُخَالِطهُ رَمْل وَلَا سَبَخ هَذَا قَوْل أَبِي عُبَيْدَة.
وَعَنْ قَتَادَة أَنَّ الصَّعِيد الْأَرْض الَّتِي لَا نَبَات فِيهَا وَلَا شَجَر اِنْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَمِنْ الِاخْتِلَاف فِي تَفْسِير الصَّعِيد اِخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة فَذَهَبَ إِلَى تَخْصِيص التُّرَاب لِلتَّيَمُّمِ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد , وَذَهَبَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَعَطَاء وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ إِلَى أَنَّهُ يُجْزِئ بِالْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهَا وَاسْتِدْلَال كِلَا الْفَرِيقَيْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا }.
قُلْت : التَّحْقِيق فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة أَنَّ التُّرَاب هُوَ الْمُتَعَيَّن لِمَنْ وَجَدَ التُّرَاب وَلَا يَجُوز بِغَيْرِهِ لِأَنَّ الصَّعِيد هُوَ التُّرَاب فَقَطْ عِنْد بَعْض أَئِمَّة اللُّغَة فَالتَّيَمُّم عَلَيْهِ جَائِز اِتِّفَاقًا , فَكَيْف يُتْرَك الْمُتَيَقَّن بِالْمُحْتَمَلِ وَمَنْ لَمْ يَجِد التُّرَاب فَيَتَيَمَّم عَلَى الرِّمَال وَالْأَحْجَار وَيُصَلِّي لِأَنَّهُ مَدْلُول الصَّعِيد لُغَة عِنْد بَعْض أَئِمَّة اللُّغَة , وَمَنْ لَمْ يَجِد الرِّمَال وَالْأَحْجَار فَيَتَيَمَّم عَلَى كُلّ مَا ذُكِرَ آنِفًا فِي تَفْسِير الصَّعِيد وَلَا يُصَلِّي بِغَيْرِ التَّيَمُّم , وَمَنْ لَمْ يَجِد هَذِهِ كُلّهَا فَيُصَلِّي بِغَيْرِ طَهَارَة وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏( وَلَوْ إِلَى عَشْر سِنِينَ ) ‏ ‏: الْمُرَاد بِالْعَشْرِ التَّكْثِير لَا التَّحْدِيد , وَمَعْنَاهُ أَيْ لَهُ أَنْ يَفْعَل التَّيَمُّم مَرَّة بَعْد أُخْرَى وَإِنْ بَلَغَتْ مُدَّة عَدَم الْمَاء وَاتَّصَلَتْ إِلَى عَشْر سِنِينَ , وَلَيْسَ فِي مَعْنَى أَنَّ التَّيَمُّم دَفْعَة وَاحِدَة تَكْفِيه لِعَشْرِ سِنِينَ , وَكَذَلِكَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام وَمَا بَدَا لَك فِي الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ.
قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم.
وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ خُرُوج الْوَقْت غَيْر نَاقِض لِلتَّيَمُّمِ بَلْ حُكْمه حُكْم الْوُضُوء.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَيَحْتَجّ بِهَذَا الْحَدِيث مَنْ يَرَى أَنَّ لِلْمُتَيَمِّمِ أَنْ يَجْمَع بِتَيَمُّمِهِ بَيْن صَلَوَات ذَوَات عَدَد وَهُوَ مَذْهَب أَصْحَاب الْحَدِيث.
قَالَ الْحَافِظ بْن حَجَر : وَاحْتَجَّ الْبُخَارِيّ لِعَدَمِ وُجُوب التَّيَمُّم لِكُلِّ صَلَاة بِعُمُومِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث عِمْرَان عَلَيْك بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيك.
قَالَ الْحَافِظ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَة وَافَقَ فِيهَا الْبُخَارِيّ الْكُوفِيِّينَ وَالْجُمْهُور.
وَذَهَبَ بَعْض مِنْ التَّابِعِينَ إِلَى خِلَاف ذَلِكَ اِنْتَهَى.
قُلْت : مَذْهَب الْجُمْهُور قَوِيّ وَقَدْ جَاءَ آثَار , تَدُلّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبَعْض مِنْ التَّابِعِينَ مِنْ أَنَّ الْمُصَلِّي يُجَدِّد التَّيَمُّم لِكُلِّ صَلَاة لَكِنْ أَكْثَرهَا ضَعِيف وَمَا صَحَّ مِنْهَا فَلَيْسَ فِيهَا شَيْء يُحْتَجّ بِهِ عَلَى فَرْضِيَّة التَّجْدِيد فَهِيَ مَحْمُولَة عَلَى الِاسْتِحْبَاب ‏ ‏( فَإِذَا وَجَدْت الْمَاء فَأَمِسَّهُ جِلْدك ) ‏ ‏: أَمِسَّ أَمْر مِنْ الْإِمْسَاس وَالْمَعْنَى إِذَا وَجَدْت الْمَاء فَعَلَيْك أَنْ تَتَوَضَّأ أَوْ تَغْتَسِل.
قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ : وَيُحْتَجّ بِهَذَا الْحَدِيث فِي إِيجَاب اِنْتِقَاض طَهَارَة الْمُتَيَمِّم بِوُجُودِ الْمَاء عَلَى عُمُوم الْأَحْوَال سَوَاء كَانَ فِي صَلَاة أَوْ غَيْرهَا اِنْتَهَى.
وَيُحْتَجّ بِهِ أَيْضًا فِي أَنْ لَا يَتَيَمَّم فِي مِصْر لِصَلَاةِ فَرْض وَلَا لِجِنَازَةٍ وَلَا لِعِيدٍ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُمِسّهُ جِلْده ‏ ‏( فَإِنَّ ذَلِكَ ) ‏ ‏: أَيْ الْإِمْسَاس ‏ ‏( خَيْر ) ‏ ‏: أَيْ بَرَكَة وَأَجْر.
وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْوُضُوء وَالتَّيَمُّم كِلَاهُمَا جَائِز عِنْد وُجُود الْمَاء لَكِنْ الْوُضُوء خَيْر بَلْ الْوُضُوء فِي هَذَا الْوَقْت فَرْض وَالْخَيْرِيَّة لَا تُنَافِي الْفَرْضِيَّة.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حَسَن صَحِيح.
وَبُجْدَان : بِضَمِّ الْبَاء الْمُوَحَّدَة وَسُكُون الْجِيم وَبَعْد الْأَلِف نُون.
اِنْتَهَى.


حديث يا أبا ذر ابد فيها

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏خَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي قِلَابَةَ ‏ ‏ح ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُسَدَّدٌ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيَّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي قِلَابَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي ذَرٍّ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏اجْتَمَعَتْ غُنَيْمَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ يَا ‏ ‏أَبَا ذَرٍّ ‏ ‏ابْدُ ‏ ‏فِيهَا ‏ ‏فَبَدَوْتُ ‏ ‏إِلَى ‏ ‏الرَّبَذَةِ ‏ ‏فَكَانَتْ تُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ فَأَمْكُثُ الْخَمْسَ وَالسِّتَّ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏أَبُو ذَرٍّ ‏ ‏فَسَكَتُّ فَقَالَ ‏ ‏ثَكِلَتْكَ ‏ ‏أُمُّكَ ‏ ‏أَبَا ذَرٍّ ‏ ‏لِأُمِّكَ الْوَيْلُ فَدَعَا لِي بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ فَجَاءَتْ ‏ ‏بِعُسٍّ ‏ ‏فِيهِ مَاءٌ فَسَتَرَتْنِي بِثَوْبٍ وَاسْتَتَرْتُ ‏ ‏بِالرَّاحِلَةِ ‏ ‏وَاغْتَسَلْتُ فَكَأَنِّي أَلْقَيْتُ عَنِّي جَبَلًا فَقَالَ ‏ ‏الصَّعِيدُ ‏ ‏الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ ‏ ‏فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ ‏ ‏وَقَالَ ‏ ‏مُسَدَّدٌ ‏ ‏غُنَيْمَةٌ مِنْ الصَّدَقَةِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو دَاوُد ‏ ‏وَحَدِيثُ ‏ ‏عَمْرٍو ‏ ‏أَتَمُّ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن أبي داود

إن الصعيد الطيب طهور وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين

عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر قال: دخلت في الإسلام فأهمني ديني، فأتيت أبا ذر فقال: أبو ذر إني اجتويت المدينة، فأمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم...

احتلم فأشفق إن اغتسل أن يهلك فتيمم

عن عمرو بن العاص قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه و...

أصاب رجلا  حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فاغتسل فمات

عن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على...

أصاب رجلا جرح في عهد رسول الله ﷺ ثم احتلم فأمر با...

عبد الله بن عباس قال: أصاب رجلا جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم احتلم فأمر بالاغتسال فاغتسل فمات، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فق...

خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمم...

عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيدا طيبا فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ول...

إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل

أخبرنا أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة أخبره، أن عمر بن الخطاب بينا هو يخطب يوم الجمعة إذ دخل رجل فقال عمر: أتحتبسون عن الصلاة؟ فقال الرجل: ما هو...

غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم

عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم»

على كل محتلم رواح إلى الجمعة وعلى كل من راح إلى ال...

عن حفصة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على كل محتلم رواح إلى الجمعة، وعلى كل من راح إلى الجمعة الغسل» قال أبو داود: «إذا اغتسل الرجل بعد طلوع الفج...

فضل اغتسال يوم الجمعة

عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه، ومس من طيب إن كان عنده، ثم أتى الجمعة...