3422- عن ابن محيصة، عن أبيه، أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام «فنهاه عنها فلم يزل يسأله ويستأذنه، حتى أمره أن أعلفه ناضحك ورقيقك»
حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختلف نيه على الزهري في وصله وإرساله كما هو مبين في "المسند" (٢٣٦٩٠) و (٢٣٦٩٢) و (٢٣٦٩٣) و (٢٣٦٩٥) وأصح طرقه ما رواه محمد بن إسحاق وسفيان بن عيينة، عن الزهري، عن حرام بن سعد -أو ساعدة- بن محيصة، عن أبيه، عن جده.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" ١١/ ٧٩: ولا يتصل هذا الحديث عن ابن شهاب إلا من رواية ابن إسحاق هذه، ورواية ابن عيينة مثلها.
وهو في "موطأ مالك" برواية أبي مصعب الزهري (٢٠٥٣)، ومن طريقه أخرجه التر مذي (١٣٢٣).
وهو في "الموطأ" برواية يحيى الليثي ٢/ ٩٧٤ عن ابن شهاب، عن ابن محيصة، أنه استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
فذكره.
ولم يتابع يحيى الليثي على هذا من رواة "الموطأ" سوى ابن القاسم فيما قاله ابن عبد البر في "التمهيد" ١١/ ٧٧، قال: وذلك من الغلط الذي لا إشكال فيه على أحد من أهل العلم، وليس لسعد بن محيصة صحبة، فكيف لابنه حرام، ولا يختلفون أن الذي روى عنه الزهري هذا الحديث وحديث ناقة البراء هو حرام بن سند بن محيصة.
وهو في "مسند أحمد" (٢٣٦٩٠)، و "صحيح ابن حبان" (٥١٥٤).
وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "المسند".
قال الخطابي: حديث محيصة يدل على أن أجرة الحجام ليست بحرام، وأن خبثها من قبل دناءة مخرجها، وقال ابن عباس: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجره.
ولو علمه محرما لم يعطه.
قال الخطابي: وقوله: "اعلفه ناضحك ورقيقك" يدل على صحة ما قلناه، وذلك أنه لا يجوز له أن يطعم رقيقه إلا من مال قد ثبت له ملكه، وإذا ثبت له ملكه فقد ثبت أنه مباح، وإنما وجهه التنزيه على الكسب الدنيء والترغيب في تطهير الطعم والإرشاد فيها إلى ما هو أطيب وأحسن، وبعض الكسب أعلى وأفضل، وبعضه أدنى وأوكح.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن كسب الحجام إن كان حرا فهو محرم، واحتج بهذا الحديث بقوله: إنه خبيث، وإن كان عبدا فإنه يعلفه ناضحه وينفقه على دوابه.
قال الخطابي: وهذا القائل يذهب في التفريق بينهما مذهبا ليس له معنى صحيح، وكل شيء حل من المال للعبيد حل للاحرار، والعبد لا ملك له ويده يد سيده وكسبه كسبه، وإنما وجه الحديث ما ذكرته لك، وإن الخبيث معناه الدنيء، كقوله تعالى: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} [البقرة: ٢٦٧] أي: الدون.
فأما قوله: "ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث" فإنهما على التحريم، وذلك أن الكلب نجس الذات محرم الثمن، وفعل الزنى محرم، وبدل العوض عليه وأخذه على التحريم مثله، لأنه ذريعة إلى التوصل إليه، والحجامة مباحة، وفيها نفع وصلاح الأبدان.
وقد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ الواحد، ويفرق بينهما في المعاني، وذلك على حسب الأغراض والمقاصد فيها، وقد يكون الكلام في الفصل الواحد بعضه على الوجوب وبعضه على الندب وبعضه على الحقيقة وبعضه على المجاز، وإنما يعلم ذلك بدلائل الأصول وباعتبار معانيها.
والبغي: الزانية، وفعلها البغاء، ومنه قوله تعالى: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور:٣٣].
فقال ابن عبد البر في "التمهيد" ٨/ ٣٩٨ وما بعدها تعليقا على حديث "نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن": في هذا الحديث ما اتفق عليه وما اختلف فيه، فاما مهر البغي -والبغي: الزانية ومهرها ما تأخذ على زناها- فمجتمع على تحريمه وأما حلوان الكاهن فمجتمع أيضا على تحريمه.
قال مالك: وهو ما يعطى الكاهن على كهانته، والحلوان في كلام العرب: الرشوة والعطية.
وأما ثمن الكلب فمختلف فيه.
وقال الحافظ في "الفتح" ٤/ ٤٢٦ تعليقا على النهي عن ثمن الكلب: ظاهر النهي تحريم بيعه، وهو عام في كل كلب معلما كان أو غيره مما يجوز اقتناؤه أو لا يجوز، ومن لازم ذلك أن لا قيمة على متلفه، وبذلك قال الجمهور، وقال مالك: لا يجوز بيعه، وتجب القيمة على متلفه، وعنه كالجمهور، وعنه: كقول أبي حنيفة: يجوز وتجب القيمة، وقال عطاء والنخعي: يجوز بيع كلب الصيد دون غيره، ونقل عن القرطبي: أن مشهور مذهب مالك جواز اتخاذ الكلب، وكراهية بيعه، ولا يفسخ إن وقع.
ونقل العيني في "البداية" ٨/ ٣٧٨ عن صاحب "الإيضاح": أن بيع كل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير جائز معلما كان أو غير معلم في رواية الأصل، أما الكلب المعلم، فلا شك في جواز بيعه، لأنه آلة الحراسة والاصطياد (وكشف الجريمة) فيكون محلا للبيع، لكونه منتفعا به حقيقة وشرعا فيكون مالا، وأما غير المعلم، فلأنه يمكن أن ينتفع به بغير الاصطياد، فإن كل كلب يحفظ بيت صاحبه ويمنع الأجانب عن الدخول فيه، ويخبر عن الجاني بنباحه، فساوى المعلم في الانتفاع به.
وقال أبو يوسف: لا يجوز بيع الكلب العقور، لأنه غير منتفع به.
قلنا: والضابط عندهم: أن كل ما فيه منفعة يحل شرعا، فإن بيعه يجوز لأن الأعيان خلقت لمنفعة الإنسان بدليل قوله تعالى: {خلق لكم ما في الأرض جميعا} [البقرة:٢٩].
وقال صاحب "التمهيد" ٨/ ٤٠٣: وأجاز الشافعي بيع كل ما فيه منفعة في حياته نحو الفهد والجوارح المعلمة حاشا الكلب.
وقال ابن القاسم: يجوز بيع الفهود والنمور والذئاب إذا كانت تذكى لجلودها، لأن مالكا يجيز الصلاة عليها إذا ذكيت.
وفي "الاستذكار" ٢٠/ ١٢٤: وبيع الفهد والصقر جائز، وكذلك بيع الهر، وكل ما فيه منفعة، وهو قول مالك والشافعي والكوفيين في بيع كل ما ينتفع به أنه جائز ملكه وشراؤه وبيعه.
وقال أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوزي": وأما ثمن الكلب، فكل ما جاز اقتناؤه وانتفع به، صار مالا، وجاز بذل العوض عنه، واختلف أصحابنا -يعني المالكية- في بيعه: هل هو محرم أو مكروه؟، وصرح بالمنع مالك في مواضع، والصحيح في الدليل جواز البيع، وبه قال أبو حنيفة
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( عَنْ اِبْن مُحَيِّصَة ) : بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة الْأُولَى وَالثَّانِيَة بَيْنهمَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنَة , أَوْ مَكْسُورَة مُشَدَّدَة ( فِي إِجَارَة الْحَجَّام ) : أَيْ فِي أُجْرَته كَمَا فِي رِوَايَة الْمُوَطَّأ , أَيْ فِي أَخْذهَا أَوْ أَكْلهَا ( فَنَهَاهُ عَنْهَا ) : قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا نَهْي تَنْزِيه لِلِارْتِفَاعِ عَنْ دَنِيء الِاكْتِسَاب وَلِلْحَثِّ عَلَى مَكَارِم الْأَخْلَاق وَمَعَالِي الْأُمُور , وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُفَرَّق فِيهِ بَيْن الْحُرّ وَالْعَبْد , فَإِنَّهُ لَا يَجُوز لِلسَّيِّدِ أَنْ يُطْعِم عَبْده مَا لَا يَحِلّ ( فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلهُ وَيَسْتَأْذِنهُ ) : أَيْ فِي أَنْ يُرَخِّص لَهُ فِي أَكْلهَا , فَإِنَّ أَكْثَر الصَّحَابَة كَانَتْ لَهُمْ أَرِقَّاء كَثِيرُونَ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ مِنْ خَرَاجهمْ وَيَعُدُّونَ ذَلِكَ مِنْ أَطْيَب الْمَكَاسِب , فَلَمَّا سَمِعَ مُحَيِّصَة نَهْيه ذَلِكَ وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى أَكْل أُجْرَة الْحِجَامَة تَكَرَّرَ فِي أَنْ يُرَخِّص لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمِرْقَاة ( اعْلِفْهُ ) : أَيْ أَطْعِمهُ قَالَ فِي الْقَامُوس : الْعَلْف كَالضَّرْبِ الشُّرْب الْكَثِير , وَإِطْعَام الدَّابَّة كَالْإِعْلَافِ ( نَاضِحك ) : هُوَ الْجَمَل الَّذِي يُسْقَى بِهِ الْمَاء ( وَرَقِيقك ) : أَيْ عَبْدك , لِأَنَّ هَذَيْنِ لَيْسَ لَهُمَا شَرَف يُنَافِيه دَنَاءَة هَذَا الْكَسْب بِخِلَافِ الْحُرّ.
وَالْحَدِيث دَلِيل عَلَى أَنَّ أُجْرَة الْحَجَّام حَلَال لِلْعَبْدِ دُون الْحُرّ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَد وَجَمَاعَة فَقَالُوا بِالْفَرْقِ بَيْن الْحُرّ وَالْعَبْد فَكَرِهُوا لِلْحُرِّ الِاحْتِرَاف بِالْحِجَامَةِ وَقَالُوا يَحْرُم عَلَيْهِ الْإِنْفَاق عَلَى نَفْسه مِنْهَا وَيَجُوز لَهُ الْإِنْفَاق عَلَى الرَّقِيق وَالدَّوَابّ مِنْهَا , وَأَبَاحُوهَا لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا , وَعُمْدَتهمْ حَدِيث مُحَيِّصَة هَذَا.
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ , وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حَسَن.
وَقَالَ اِبْن مَاجَهْ : حَرَام بْن مُحَيِّصَة عَنْ أَبِيهِ.
هَذَا آخِر كَلَامه , وَهُوَ أَبُو سَعِيد وَيُقَال أَبُو سَعِيد حَرَام بْن سَعْد بْن مُحَيِّصَة الْأَنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ الْمَدَنِيّ , وَيُقَال حَرَام بْن مُحَيِّصَة يُنْسَب إِلَى الْجَدّ , وَيُقَال حَرَام بْن سَاعِدَة وَهُوَ بِالْحَاءِ وَالرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيّ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِجَارَةِ الْحَجَّامِ فَنَهَاهُ عَنْهَا فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ وَيَسْتَأْذِنُهُ حَتَّى أَمَرَهُ أَنْ أَعْلِفْهُ نَاضِحَكَ وَرَقِيقَكَ
عن ابن عباس، قال: «احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره ولو علمه خبيثا لم يعطه»
عن أنس بن مالك، أنه قال: حجم أبو طيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه»
عن أبي هريرة، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الإماء»
عن طارق بن عبد الرحمن القرشي، قال: جاء رافع بن رفاعة إلى مجلس الأنصار فقال: لقد نهانا نبي الله صلى الله عليه وسلم اليوم، فذكر أشياء " ونهى عن كسب الأم...
عن رافع ابن خديج، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الأمة حتى يعلم من أين هو»
عن أبي مسعود: «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي وحلوان الكاهن»
عن ابن عمر، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل»
عن أبي ماجدة، قال: قطعت من أذن غلام، أو قطع من أذني فقدم علينا أبو بكر حاجا فاجتمعنا إليه فرفعنا إلى عمر بن الخطاب، فقال عمر: إن هذا قد بلغ القصاص ادع...
عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من باع عبدا وله مال فماله للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع، ومن باع نخلا مؤبرا فالثمرة للبائع، إلا أن...