حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها - سنن أبي داود

سنن أبي داود | كتاب الحدود باب في الحد يشفع فيه (حديث رقم: 4373 )


4373- عن عائشة، رضي الله عنها، أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها؟ - يعني - رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: ومن يجترئ إلا أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أسامة، أتشفع في حد من حدود الله؟» ثم قام فاختطب، فقال: «إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها»(1) 4374- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها، وقص نحو حديث الليث، قال: فقطع النبي صلى الله عليه وسلم يدها.
قال أبو داود: روى ابن وهب، هذا الحديث عن يونس، عن الزهري، وقال فيه كما قال الليث: إن امرأة سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح ورواه الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، بإسناده فقال: استعارت امرأة، وروى مسعود بن الأسود، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الخبر، قال: سرقت قطيفة من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه أبو الزبير، عن جابر، أن امرأة سرقت فعاذت بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2)

أخرجه أبو داوود


(١) إسناده صحيح.
عروة: هو ابن الزبير بن العوام، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري، والليث: هو ابن سعد.
وأخرجه البخاري (٣٤٧٥) و (٣٧٣٢) و (٣٧٣٣) و (٤٣٠٤) و (٦٧٨٧) و (٦٧٨٨)، ومسلم (١٦٨٨)، وابن ماجه (٢٥٤٧)، والترمذي (١٤٩٣)، والنسائي في "الكبرى" (٧٣٤١ - ٧٣٤٩) من طرق عن الزهري، به.
إلا أن النسائي في الموضع الثاني قال: أتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بسارق، وهو مخالف لرواية الجماعة عن الزهري.
وهو في "مسند أحمد" (٢٤١٣٨) و (٢٥٢٩٧)، و"صحيح ابن حبان" (٤٤٠٢).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: إنما أنكر عليه الشفاعة في الحد، لأنه إنما تشفع إليه بعد أن بلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وارتفعوا إليه فيه، فأما قبل أن يبلغ الإمام فإن الشفاعة جائزة والستر على المذنبين مندوب إليه.
وقد روي ذلك عن الزبير بن العوام وابن عباس، وهو مذهب الأوزاعي.
وقال أحمد بن حنبل: تشفع في الحد ما لم يبلغ السلطان، وقال مالك بن أنس: من لم يعرف بأذى الناس وإنما كانت تلك منه زلة، فلا بأس أن يشفع له ما لم يبلغ الإمام.
وفيه دليل على أن القطع لا يزول عن السارق بأن يوهب له المتاع، ولو كان ذلك مسقطا عنه الحد لأشبه أن يطلب أسامة إلى المسروق منه أن يهبه منها، فيكون ذلك أعود عليها من الشفاعة.
(٢)إسناده صحيح.
وهو في "مصنف عبد الرزاق" (١٨٨٣٠)، ومن طريقه أخرجه مسلم (١٦٨٨).
وأخرجه بهذا اللفظ أيضا النسائي في "الكبرى" (٧٣٤٠) من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.
وهو في "مسند أحمد" (٢٥٢٩٧).
وسيتكرر برقم (٤٣٩٧).
وانظر ما قبله وما سيأتي برقم (٤٣٩٦).
قال النووي في "شرح مسلم" ١١/ ١٥٦ تعليقا على قوله: كانت تستعير المتاع وتجحده: وقد ذكر مسلم هذا الحديث في سائر الطرق المصرحة بأنها سرقت، وقطعت بسبب السرقة، فيتعين حمل هذه الرواية على ذلك جمعا بين الروايات، فإنها قضية واحدة مع أن جماعة من الأئمة قالوا: هذه الرواية شاذة، فإنها مخالفة لجماهير الرواة، والشاذة لا يعمل بها، قال العلماء: وإنما لم يذكر السرقة في هذه الرواية، لأن المقصود عند الراوي ذكر منع الشفاعة في الحدود لا للإخبار عن السرقة، قال جماهير العلماء وفقهاء الأمصار: لا قطع على من جحد العارية، وتأولوا هذا الحديث بنحو ما ذكرته، وقال أحمد وإسحاق: يجب القطع في ذلك.
وجاء في "المغني" ١٢/ ٤١٦ لابن قدامة: واختلفت الرواية عن أحمد في جحد العارية، فعنه عليه القطع وهو قول إسحاق لما روي عن عائشة أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده .
وعنه: لا قطع عليه، وهو قول الخرقي وأبي إسحاق بن شاقلا وأبي الخطاب وسائر الفقهاء وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا قطع على خائن".

شرح حديث (وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)

عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي

‏ ‏( أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ ) ‏ ‏: أَيْ أَحْزَنَهُمْ وَأَوْقَعَهُمْ فِي الْهَمّ خَوْفًا مِنْ لُحُوق الْعَار , وَافْتِضَاحهمْ بِهَا بَيْن الْقَبَائِل ‏ ‏( شَأْن الْمَرْأَة الْمَخْزُومِيَّة ) ‏ ‏: أَيْ الْمَنْسُوبَة إِلَى بَنِي مَخْزُوم قَبِيلَة كَبِيرَة مِنْ قُرَيْش وَهِيَ فَاطِمَة بِنْت الْأَسْوَد بْن عَبْد الْأَسَد بِنْت أَخِي أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الْأَسَد الصَّحَابِيّ الْجَلِيل الَّذِي كَانَ زَوْج أُمّ سَلَمَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ قُتِلَ أَبُوهَا كَافِرًا يَوْم بَدْر قَتَلَهُ حَمْزَة ‏ ‏( الَّتِي سَرَقَتْ ) ‏ ‏: أَيْ وَكَانَتْ تَسْتَعِير الْمَتَاع وَتَجْحَدهُ أَيْضًا كَمَا فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة ‏ ‏( فَقَالُوا ) ‏ ‏: أَيْ أَهْلهَا ‏ ‏( مَنْ يُكَلِّم فِيهَا ) ‏ ‏: أَيْ مَنْ يَشْفَع أَنْ لَا تُقْطَع إِمَّا عَفْوًا أَوْ بِفِدَاءٍ ‏ ‏( وَمَنْ يَجْتَرِئ ) ‏ ‏: أَيْ يَتَجَاسَر عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْإِدْلَال قَالَهُ النَّوَوِيّ ‏ ‏( إِلَّا أُسَامَة بْن زَيْد حِبّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ‏ ‏: بِكَسْرِ الْحَاء أَيْ مَحْبُوبه وَهُوَ بِالرَّفْعِ عَطْف بَيَان أَوْ بَدَل مِنْ أُسَامَة ‏ ‏( أَتَشْفَعُ فِي حَدّ ) ‏ ‏: أَيْ فِي تَرْكه وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّوْبِيخِ ‏ ‏( فَاخْتَطَبَ ) ‏ ‏: قَالَ الْقَارِي أَيْ بَالَغَ فِي خُطْبَته أَوْ أَظْهَرَ خُطْبَته وَهُوَ أَحْسَن مِنْ قَوْل الشَّارِح أَيْ خَطَبَ اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ خَطَبَ ‏ ‏( إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ ) ‏ ‏: وَفِي رِوَايَة سُفْيَان عِنْد النَّسَائِيِّ : إِنَّمَا هَلَكَ بَنُو إِسْرَائِيل ‏ ‏( أَنَّهُمْ ) ‏ ‏: أَيْ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ ‏ ‏( كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيف تَرَكُوهُ ) ‏ ‏: فَلَا يَحُدُّونَهُ ‏ ‏( وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيف أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدّ ) ‏ ‏: قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : الظَّاهِر أَنَّ هَذَا الْحَصْر لَيْسَ عَامًّا , فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل كَانَتْ فِيهِمْ أُمُور كَثِيرَة تَقْتَضِي الْإِهْلَاك , فَيُحْمَل ذَلِكَ عَلَى حَصْر مَخْصُوص وَهُوَ الْإِهْلَاك بِسَبَبِ الْمُحَابَاة فِي الْحُدُود فَلَا يَنْحَصِر فِي حَدّ السَّرِقَة ‏ ‏( لَوْ أَنَّ فَاطِمَة ) ‏ ‏: رَضِيَ اللَّه عَنْهَا ‏ ‏( بِنْت مُحَمَّد ) ‏ ‏صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ‏ ‏( سَرَقَتْ لَقَطَعْت يَدهَا ) ‏ ‏: وَعِنْد اِبْن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّد بْن رُمْح شَيْخه فِي هَذَا الْحَدِيث سَمِعْت اللَّيْث يَقُول عَقِب هَذَا الْحَدِيث قَدْ أَعَاذَهَا اللَّه مِنْ أَنْ تَسْرِق , وَكُلّ مُسْلِم يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُول مِثْل هَذَا , فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُذْكَر هَذَا الْحَدِيث فِي الِاسْتِدْلَال وَنَحْوه إِلَّا بِهَذِهِ الزِّيَادَة , وَإِنَّمَا خَصَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَة بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَعَزّ أَهْله عِنْده , فَأَرَادَ الْمُبَالَغَة فِي تَثْبِيت إِقَامَة الْحَدّ عَلَى كُلّ مُكَلَّف وَتَرْك الْمُحَابَاة فِي ذَلِكَ.
وَفِي الْحَدِيث مَنْع الشَّفَاعَة فِي الْحُدُود وَهُوَ مُقَيَّد بِمَا إِذَا رُفِعَ إِلَى السُّلْطَان.
‏ ‏وَعِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيث الزُّبَيْر مَرْفُوعًا : " اِشْفَعُوا مَا لَمْ يَصِلْ إِلَى الْوَالِي فَإِذَا وَصَلَ إِلَى الْوَالِي فَعَفَا فَلَا عَفَا اللَّه عَنْهُ ".
‏ ‏قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : لَا أَعْلَم خِلَافًا أَنَّ الشَّفَاعَة فِي ذَوِي الذُّنُوب حَسَنَة جَمِيلَة مَا لَمْ تَبْلُغ السُّلْطَان , وَأَنَّ عَلَى السُّلْطَان إِذَا بَلَغَتْهُ أَنْ يُقِيمهَا.
كَذَا فِي إِرْشَاد السَّارِي.
‏ ‏قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ.
‏ ‏( تَسْتَعِير الْمَتَاع وَتَجْحَدهُ , فَأَمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدهَا ) ‏ ‏: قَالَ النَّوَوِيّ : قَالَ الْعُلَمَاء الْمُرَاد أَنَّهَا قُطِعَتْ بِالسَّرِقَةِ وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ الْعَارِيَة تَعْرِيفًا لَهَا وَوَصْفًا لَهَا لَا أَنَّهَا سَبَب الْقَطْع.
‏ ‏قَالَ : وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِم هَذَا الْحَدِيث فِي سَائِر الطُّرُق الْمُصَرِّحَة بِأَنَّهَا سَرَقَتْ وَقُطِعَتْ بِسَبَبِ السَّرِقَة فَيَتَعَيَّن حَمْل هَذِهِ الرِّوَايَة عَلَى ذَلِكَ جَمْعًا بَيْن الرِّوَايَات , فَإِنَّهَا قَضِيَّة وَاحِدَة , مَعَ أَنَّ جَمَاعَة مِنْ الْأَئِمَّة قَالُوا هَذِهِ الرِّوَايَة شَاذَّة فَإِنَّهَا مُخَالِفَة لِجَمَاهِير الرُّوَاة وَالشَّاذَّة لَا يُعْمَل بِهَا.
‏ ‏قَالَ الْعُلَمَاء : وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُر السَّرِقَة فِي هَذِهِ الرِّوَايَة لِأَنَّ الْمَقْصُود مِنْهَا عِنْد الرَّاوِي ذِكْر مَنْع الشَّفَاعَة فِي الْحُدُود لَا الْإِخْبَار عَنْ السَّرِقَة.
‏ ‏قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء وَفُقَهَاء الْأَمْصَار لَا قَطْع عَلَى مَنْ جَحَدَ الْعَارِيَة , وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيث بِنَحْوِ مَا ذَكَرْته.
‏ ‏وَقَالَ أَحْمَد وَإِسْحَاق : يَجِب الْقَطْع فِي ذَلِكَ اِنْتَهَى ‏ ‏( وَقَصَّ ) ‏ ‏: أَيْ ذَكَرَ وَبَيَّنَ ‏ ‏( نَحْو حَدِيث اللَّيْث ) ‏ ‏: يَعْنِي الْحَدِيث الَّذِي قَبْله ‏ ‏( فَقَطَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدهَا ) ‏ ‏: وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْمَرْأَة فَقُطِعَتْ يَدهَا.
قَالُوا : وَلَوْ ثَبَتَ , فَذِكْر وَصْف الْعَارِيَة مَا هُوَ لِلتَّعْرِيفِ الْمُجَرَّد لَا أَنَّهُ سَبَب الْقَطْع فَأَمَّا تَعْلِيله بِمَا ذُكِرَ فَبَاطِل.
‏ ‏فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو مَالِك عَمْرو بْن هَاشِم الْجَنْبِيّ الْكُوفِيّ عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر : " أَنَّ اِمْرَأَة كَانَتْ تَسْتَعِير الْحُلِيّ لِلنَّاسِ ثُمَّ تُمْسِكهُ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِتَتُبْ هَذِهِ الْمَرْأَة إِلَى اللَّه وَرَسُوله , وَتَرُدّ مَا تَأْخُذ عَلَى الْقَوْم ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُمْ يَا بِلَال فَخُذْ بِيَدِهَا فَاقْطَعْهَا " ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ , وَرَوَاهُ شُعَيْب بْن إِسْحَاق عَنْ عُبَيْد اللَّه عَنْ نَافِع بِنَحْوِهِ سَوَاء , ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ.
أَيْضًا وَقَالَ فِيهِ " لِتَتُبْ هَذِهِ الْمَرْأَة , وَلْتُؤَدِّي مَا عِنْدهَا , مِرَارًا , فَلَمْ تَفْعَل.
فَأَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ ".
‏ ‏وَهُوَ يُبْطِل قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ ذِكْر هَذَا الْوَصْف لِلتَّعْرِيفِ الْمُجَرَّد.
‏ ‏وَرَوَاهُ سُفْيَان عَنْ أَيُّوب بْن مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : " كَانَتْ مَخْزُومِيَّة تَسْتَعِير مَتَاعًا وَتَجْحَدهُ , فَرُفِعَتْ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكُلِّمَ فِيهَا , فَقَالَ : لَوْ كَانَتْ فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد لَقَطَعْت يَدهَا " ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ.
‏ ‏وَرَوَاهُ بِشْر بْن شُعَيْب : أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : " اِسْتَعَارَتْ اِمْرَأَة عَلَى أَلْسِنَة أُنَاس يُعْرَفُونَ , وَهِيَ لَا تُعْرَف حُلِيًّا , فَبَاعَتْهُ وَأَخَذَتْ ثَمَنه , فَأُتِيَ بِهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيث وَقَالَ فِي آخِره : ثُمَّ قَطَعَ تِلْكَ الْمَرْأَة " ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا وَرَوَاهُ هِشَام عَنْ قَتَادَة عَنْ سَعِيد بْن يَزِيد عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب " أَنَّ اِمْرَأَة مِنْ بَنِي مَخْزُوم اِسْتَعَارَتْ حُلِيًّا عَلَى لِسَان أُنَاس , فَجَحَدَتْهُ , فَأَمَرَ بِهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُطِعَتْ " ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا.
فَقَدْ صَحَّ الْحَدِيث وَلِلَّهِ الْحَمْد.
وَلَا تَنَافِي بَيْن ذِكْر جَحْد الْعَارِيَة وَبَيْن السَّرِقَة , فَإِنَّ ذَلِكَ دَاخِل فِي اِسْم السَّرِقَة.
‏ ‏فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا : " إنَّهَا جَحَدَتْ الْعَارِيَة وَذَكَرُوا أَنَّ قَطْعهَا لِهَذَا السَّبَب , قَالُوا : " إِنَّهَا سَرَقَتْ " فَأَطْلَقُوا عَلَى ذَلِكَ اِسْم السَّرِقَة.
فَثَبَتَ لُغَة أَنَّ فَاعِل ذَلِكَ سَارِق , وَثَبَتَ شَرْعًا أَنَّ حَدّه قَطْع الْيَد.
وَهَذِهِ الطَّرِيقَة أَوْلَى مِنْ سُلُوك طَرِيقَة الْقِيَاس فِي اللُّغَة فَيَثْبُت كَوْن الْخَائِن سَارِقًا لُغَة , قِيَاسًا عَلَى السَّارِق , ثُمَّ يَثْبُت الْحُكْم فِيهِ.
‏ ‏وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر عِنْد النَّسَائِيِّ : قُمْ يَا بِلَال فَخُذْ بِيَدِهَا فَاقْطَعْهَا.
فَفِي رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ مَجَاز.
‏ ‏قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم.
‏ ‏( وَقَالَ فِيهِ كَمَا قَالَ اللَّيْث إِنَّ اِمْرَأَة سَرَقَتْ إِلَخْ ) ‏ ‏: حَاصِله أَنَّ اِبْن وَهْب رَوَى هَذَا الْحَدِيث وَذَكَرَ فِيهِ السَّرِقَة دُون الِاسْتِعَارَة مِثْل رِوَايَة اللَّيْث الْمُتَقَدِّمَة ‏ ‏( فِي غَزْوَة الْفَتْح ) ‏ ‏: أَيْ فَتْح مَكَّة.
‏ ‏قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَحَدِيث اِبْن وَهْب هَذَا الَّذِي عَلَّقَهُ أَبُو دَاوُدَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ ‏ ‏( وَرَوَاهُ اللَّيْث عَنْ يُونُس عَنْ اِبْن شِهَاب بِإِسْنَادِهِ قَالَ اِسْتَعَارَتْ اِمْرَأَة ) ‏ ‏: قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَهَذَا الَّذِي عَلَّقَهُ أَيْضًا قَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ تَعْلِيقًا وَلَمْ يَذْكُر لَفْظه ‏ ‏( سَرَقَتْ قَطِيفَة مِنْ بَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ‏ ‏: وَعِنْد اِبْن سَعْد مِنْ مُرْسَل حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت أَنَّهَا سَرَقَتْ حُلِيًّا , وَجُمِعَ بَيْنهمَا بِأَنَّ الْحُلِيّ كَانَ فِي الْقَطِيفَة , وَالْقَطِيفَة هِيَ كِسَاء لَهُ خَمْل.
‏ ‏قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَهَذَا الَّذِي عَلَّقَهُ أَيْضًا قَدْ أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ فِي سُنَنه وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بْنُ إِسْحَاق بْن يَسَار وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَيْهِ ‏ ‏( فَعَاذَتْ بِزَيْنَب ) ‏ ‏: أَيْ اِلْتَجَأَتْ بِهَا قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَذَكَرَ مُسْلِم فِي صَحِيحه وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنه مِنْ حَدِيث أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر أَنَّ اِمْرَأَة سَرَقَتْ فَعَاذَتْ بِأُمِّ سَلَمَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَاذَتْ بِهِمَا , فَذَكَرَ الرَّاوِي مَرَّة إِحْدَاهُمَا وَمَرَّة الْأُخْرَى , وَاَللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَم.
‏ ‏( وَرَوَاهُ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ ) : وَهَذِهِ الْعِبَارَة أَيْ مِنْ قَوْله " وَرَوَاهُ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ " إِلَى قَوْله " سَرَقَتْ مِنْ بَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَاقَ نَحْوه , لَيْسَتْ فِي عَامَّة النُّسَخ مِنْ رِوَايَة اللُّؤْلُؤِيّ , وَلِذَا لَمْ يَذْكُرهَا الْمُنْذِرِيّ , وَإِنَّمَا وُجِدَتْ فِي بَعْض نُسَخ الْكِتَاب.
‏ ‏قُلْت : حَدِيث سُفْيَان أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي فَضْل أُسَامَة وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الْقَطْع وَحَدِيث شُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الْقَطْع عَنْ عِمْرَان بْن بَكَّار عَنْ بِشْر بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ الزُّهْرِيّ , وَحَدِيث إِسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة وَإِسْحَاق بْن رَاشِد عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الْقَطْع.
قَالَهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَاف.


حديث يا أسامة أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فاختطب فقال إنما هلك الذين

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمْدَانِيُّ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏اللَّيْثُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُرْوَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏قُرَيْشًا ‏ ‏أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا ‏ ‏يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ إِلَّا ‏ ‏أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ‏ ‏حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَكَلَّمَهُ ‏ ‏أُسَامَةُ ‏ ‏فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏يَا ‏ ‏أُسَامَةُ ‏ ‏أَتَشْفَعُ ‏ ‏فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ ‏ ‏إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ ‏ ‏الْحَدَّ ‏ ‏وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ ‏ ‏فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ‏ ‏سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ ‏ ‏ومُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ‏ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ الرَّزَّاقِ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏مَعْمَرٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الزُّهْرِيِّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُرْوَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏ ‏قَالَتْ ‏ ‏كَانَتْ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ ‏ ‏وَتَجْحَدُهُ ‏ ‏فَأَمَرَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِقَطْعِ يَدِهَا ‏ ‏وَقَصَّ نَحْوَ حَدِيثِ ‏ ‏اللَّيْثِ ‏ ‏قَالَ فَقَطَعَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَدَهَا ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو دَاوُد ‏ ‏رَوَى ‏ ‏ابْنُ وَهْبٍ ‏ ‏هَذَا الْحَدِيثَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يُونُسَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الزُّهْرِيِّ ‏ ‏وَقَالَ فِيهِ كَمَا قَالَ ‏ ‏اللَّيْثُ ‏ ‏إِنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِي ‏ ‏غَزْوَةِ الْفَتْحِ ‏ ‏وَرَوَاهُ ‏ ‏اللَّيْثُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يُونُسَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ ‏ ‏اسْتَعَارَتْ امْرَأَةٌ ‏ ‏وَرَوَى ‏ ‏مَسْعُودُ بْنُ الْأَسْوَدِ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏نَحْوَ هَذَا الْخَبَرِ قَالَ سَرَقَتْ ‏ ‏قَطِيفَةً ‏ ‏مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَرَوَاهُ ‏ ‏أَبُو الزُّبَيْرِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏جَابِرٍ ‏ ‏أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فَعَاذَتْ ‏ ‏بِزَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن أبي داود

أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود

عن عائشة، رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود»

تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب

عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب»

لو سترته بثوبك كان خيرا لك

عن يزيد بن نعيم، عن أبيه، أن ماعزا، أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأقر عنده أربع مرات، فأمر برجمه، وقال لهزال: «لو سترته بثوبك كان خيرا لك».<br> (1)...

لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم

عن علقمة بن وائل، عن أبيه، أن امرأة خرجت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم تريد الصلاة، فتلقاها رجل، فتجللها، فقضى حاجته منها، فصاحت، وانطلق، فمر عليها...

أتي بلص قد اعترف اعترافا ولم يوجد معه متاع

عن أبي أمية المخزومي، أن النبي صلى الله عليه وسلم، أتي بلص قد اعترف اعترافا ولم يوجد معه متاع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما إخالك سرقت»، قا...

اذهب فإن الله تعالى قد عفا عنك

عن أبي أمامة، أن رجلا، أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله: إني أصبت حدا، فأقمه علي، قال «توضأت حين أقبلت؟» قال: نعم، قال: «هل صليت معنا...

إن شئتم أن أضربهم فإن خرج متاعكم فذاك وإلا أخذت من...

عن أزهر بن عبد الله الحرازي، أن قوما، من الكلاعيين سرق لهم متاع، فاتهموا أناسا من الحاكة، فأتوا النعمان بن بشير صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فحبسهم...

كان يقطع في ربع دينار فصاعدا

عن عائشة رضي الله عنها، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع في ربع دينار فصاعدا»

تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا

عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا»، قال أحمد بن صالح: «القطع في ربع دينار فصاعدا»