حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

قضى دية جنينها غرة عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها - سنن أبي داود

سنن أبي داود | كتاب الديات  باب دية الجنين (حديث رقم: 4576 )


4576- عن أبي هريرة، قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم دية جنينها غرة عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها، وورثها ولدها ومن معهم، فقال حمل بن مالك بن النابغة الهذلي يا رسول الله، كيف أغرم دية من لا شرب ولا أكل، لا نطق، ولا استهل، فمثل ذلك يطل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما هذا من إخوان الكهان» من أجل سجعه الذي سجع.
(1) 4577- عن أبي هريرة، في هذه القصة، قال: ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ميراثها لبنيها، وأن العقل على عصبتها.
(2)

أخرجه أبو داوود


(١) إسناده صحح.
أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله، وابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله المصري.
وأخرجه مطولا ومختصرا البخاري (٦٩١٠)، ومسلم (١٦٨١)، والنسائي في "الكبرى" (٦٩٩٣) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٥٧٥٨) من طريق عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وحده، به.
وهو في "مسند أحمد" (٧٢١٧) و (١٠٩١٦)، و"صحيح ابن حبان" (٦٠٢٠).
وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (٤٥٧٩).
قال الخطابي: قوله: وورثها ولدها ومن معهم، يريد: الدية.
وفيه بيان أن الدية مرروثة كسائر مالها الذي كانت تملكه أيام حياتها.
وفيه دليل على أن الجنين يورث وتكون ديته على سهام الميراث، وذلك أن كل نفس تضمن بالدية، فإنه يورث، كما لو خرج حيا، ثم مات.
وقوله: ولا استهل: الاستهلال: رفع الصوت، يريد: أنه لم تعلم حياته بصوت نطق أو بكاء، أو نحو ذلك.
وقوله: ذلك يطل: يروى هذا الحرف على وجهين: أحدهما: "بطل" على معنى الفعل الماضي من البطلان.
والآخر: "يطل" على مذهب الفعل الغائب، من قولهم: طل دمه إذا: أهدر، يطل.
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "هذا من إخوان الكهان" من أجل سجعه الذي سجع، فإنه لم يعبه بمجرد السجع، دون ما تضمنه سجعه من الباطل.
وإنما ضرب المثل بالكهان؛ لأنهم كانوا يروجون أقاويلهم الباطلة بأسجاع تروق السامعين، فيستميلون بها القلوب، ويشصغون الأسماع إليها.
فأما إذا وضع السجع في موضع حق، فإنه ليس بمكروه.
وقد تكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسجع في مواضع من كلامه، كقول للانصار: "أما إنكم تقلون عند الطمع، وتكثرون عند الفزع".
وروي عنه أنه قال: "خير المال سكة مأبورة، أو مهرة مأمورة".
وقال: "يا أبا عمير، ما فعل النغير".
وقال في دعائه: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقول لا يسمع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع".
ومثل ذلك في الكلام كثير.
وفي الخبر دليل على أن الدية في شبه الخطأ على العاقلة.
قلت [القائل الخطابي]: الغرة إنما تجب في الجنين إذا سقط ميتا، فإن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة.
وفيه بيان أن الأجنة وإن كثرت، ففي كل واحد منها غرة.
واختلفوا في سن الغرة التي يجب قبولها ومبلغ قيمتها: فقال أبو حنيفة وأصحابه: عبد أو أمة: تعدل خمس مئة درهم.
وقال مالك: ست مئة درهم.
وقصد كل واحد من الفريقين نصف عشر الدية؛ لأن الدية عند العراقي: عشرة آلاف درهم، وعند المدني: اثنا عشر ألفا.
وقيل: خمسون دينارا، وهي أيضا نصف العشر من دية الحر.
لأنهم لم يخلفوا أن الدية من الذهب ألف دينار.
وقد استدل بعض الفقهاء من قوله: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنينها بغرة على أن دية الأجنة سواء: ذكرانا أو إناثا" لأنه أرسل الكلام ولم يقيده بصفة.
قال: ولو كانت يختلف الأمر في ذلك بالأنوثة والذكورة لبينه كما بين الدية في الذكر والأنثى من الأحرار البالغين.
قلت [القائل الخطابي]: وهذه القضية صادقة في الحكم.
إلا أن الاستدلال بهذا اللفظ من هذا الحديث لا يصح؛ لأنه حكاية فعل، ولا عموم لحكاية الفعل.
وإنما يصح هذا الاستدلال من رواية من روى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الجنين بغرة.
من غير تفصيل.
والله أعلم.
ومذهب الشافعي في دية الجنين قريب من مذهب من تقدم ذكرهم إلا أنه قومها من الإبل فقال: خمس من الإبل، خمساها وهو بعيران، قيمة خلفتين، وثلاثة أخماسها قيمة ثلاث جذاع وحقاق.
وذلك: لأن دية شبه العمد عنده مغلظة، منها أربعون خلفة وثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، فإن أعطى الغرة دون القيمة لم يقبل حتى يكون ابن سبع سنين، أو ثمان.
ويقبل عند أبي حنيفة الطفل، وما دون السبع، كالرقبة المستحقة في الكفارات.
(٢) إسناده صحيح.
ابن المسيب: هو سيد، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، والليث: هو ابن سعد.
وأخرجه البخاري (٦٧٤٠) و (٦٩٠٩)، ومسلم (١٦٨١)، والترمذي (٢٢٤٤)، والنسائي في "الكبرى" (٦٩٩٢) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد" (١٠٩٥٣)، و"صحيح ابن حبان" (٦٠١٨).
وانظر ما قبله.
وما سيأتي برقم (٤٥٧٩).

شرح حديث (قضى دية جنينها غرة عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها)

عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي

‏ ‏( وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَة ) ‏ ‏: أَيْ الْمَقْتُولَة ‏ ‏( عَلَى عَاقِلَتهَا ) ‏ ‏: أَيْ عَاقِلَة الْقَاتِلَة ‏ ‏( وَوَرِثَهَا ) ‏ ‏: أَيْ الدِّيَة ‏ ‏( وَلَدهَا وَمَنْ مَعَهُمْ ) ‏ ‏: الضَّمِير لِلْوَلَدِ لِأَنَّهُ جِنْس يُطْلَق عَلَى الْوَاحِد وَالْجَمْع ‏ ‏( كَيْف أَغْرَم ) ‏ ‏: بِفَتْحِ الرَّاء أَيْ أَضْمَن ‏ ‏( إِنَّمَا هَذَا ) ‏ ‏: أَيْ الْقَائِل أَوْ الْقَائِل هَذَا ‏ ‏( مِنْ إِخْوَان الْكُهَّان ) ‏ ‏: بِضَمِّ كَاف وَتَشْدِيد هَاء جَمْع كَاهِن وَكَانُوا يُرَوِّجُونَ مُزَخْرَفَاتهمْ بِالْأَسْجَاعِ وَيُزَوِّقُونَ أَكَاذِيبهمْ بِهَا فِي الْأَسْمَاع ‏ ‏( مِنْ أَجْل سَجْعه ) ‏ ‏: أَيْ قَالَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْل سَجْعه.
قَالَ الطِّيبِيُّ : وَلَمْ يَعِبْهُ بِمُجَرَّدِ السَّجْع دُون مَا تَضَمَّنَ سَجْعه مِنْ الْبَاطِل , أَمَّا إِذَا وَضَعَ السَّجْع فِي مَوَاضِعه مِنْ الْكَلَام فَلَا ذَمَّ فِيهِ , وَكَيْف يُذَمّ وَقَدْ جَاءَ فِي كَلَام رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا قُلْت : وَمِنْهُ مَا وَرَدَ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِك مِنْ عِلْم لَا يَنْفَع , وَمِنْ قَلْب لَا يَخْشَع , وَمِنْ نَفْس لَا تَشْبَع , وَمِنْ دُعَاء لَا يُسْمَع , وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَع ".
‏ ‏قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ.
‏ ‏( ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَة الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا إِلَخْ ) ‏ ‏: قَالَ النَّوَوِيّ : قَالَ الْعُلَمَاء هَذَا الْكَلَام قَدْ يُوهِم خِلَاف مُرَاده , فَالصَّوَاب أَنَّ الْمَرْأَة الَّتِي مَاتَتْ هِيَ الْمَجْنِيّ عَلَيْهَا أُمّ الْجَنِين لَا الْجَانِيَة , وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي حَدِيث آخَر بِقَوْلِهِ " فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنهَا " فَيَكُون الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا , أَيْ الَّتِي قَضَى لَهَا فَعَبَّرَ بِعَلَيْهَا عَنْ لَهَا.
‏ ‏وَأَمَّا قَوْله " وَالْعَقْل عَلَى عَصَبَتهَا " ‏ ‏فَالْمُرَاد الْقَاتِلَة أَيْ عَلَى عَصَبَة الْقَاتِلَة اِنْتَهَى.
‏ ‏قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ.


حديث إنما هذا من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجع

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏وَهْبُ بْنُ بَيَانٍ ‏ ‏وَابْنُ السَّرْحِ ‏ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ وَهْبٍ ‏ ‏أَخْبَرَنِي ‏ ‏يُونُسُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ‏ ‏وَأَبِي سَلَمَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ ‏ ‏هُذَيْلٍ ‏ ‏فَرَمَتْ ‏ ‏إِحْدَاهُمَا ‏ ‏الْأُخْرَى ‏ ‏بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا ‏ ‏فَاخْتَصَمُوا ‏ ‏إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏دِيَةَ ‏ ‏جَنِينِهَا ‏ ‏غُرَّةَ ‏ ‏عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ وَقَضَى ‏ ‏بِدِيَةِ ‏ ‏الْمَرْأَةِ ‏ ‏عَلَى ‏ ‏عَاقِلَتِهَا ‏ ‏وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ فَقَالَ ‏ ‏حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ ‏ ‏يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ ‏ ‏أُغْرَمُ ‏ ‏دِيَةَ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ لَا نَطَقَ وَلَا ‏ ‏اسْتَهَلَّ ‏ ‏فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ ‏ ‏الْكُهَّانِ ‏ ‏مِنْ أَجْلِ ‏ ‏سَجْعِهِ ‏ ‏الَّذِي ‏ ‏سَجَعَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏اللَّيْثُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ الْمُسَيَّبِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا ‏ ‏بِالْغُرَّةِ ‏ ‏تُوُفِّيَتْ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَأَنَّ ‏ ‏الْعَقْلَ ‏ ‏عَلَى عَصَبَتِهَا ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن أبي داود

جعل في ولدها خمس مائة شاة ونهى يومئذ عن الخذف

عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، أن امرأة، خذفت امرأة فأسقطت، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، «فجعل في ولدها خمس مائة شاة، ونهى يومئذ عن الخ...

قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة أو فرس أو بغل

عن أبي هريرة، قال: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة عبد أو أمة، أو فرس، أو بغل» قال أبو داود: روى هذا الحديث حماد بن سلمة، وخالد بن عب...

الغرة خمس مائة درهم

عن الشعبي، قال: «الغرة خمس مائة درهم» قال أبو داود: قال ربيعة: " الغرة: خمسون دينارا "

يقتل يودى ما أدى من مكاتبته دية الحر وما بقي دية ا...

عن ابن عباس، قال " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: في دية المكاتب يقتل يودى ما أدى، من مكاتبته دية الحر وما بقي دية المملوك "

إذا أصاب المكاتب حدا أو ورث ميراثا يرث على قدر ما...

عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أصاب المكاتب حدا، أو ورث ميراثا يرث على قدر ما عتق منه» قال أبو داود: رواه وهيب، عن أيوب، عن ع...

دية المعاهد نصف دية الحر

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دية المعاهد نصف دية الحر» قال أبو داود: رواه أسامة بن زيد الليثي، وعبد الرحمن بن...

إن شئت أن تمكنه من يدك فيعضها ثم تنزعها من فيه

عن صفوان بن يعلى، عن أبيه، قال: قاتل أجير لي رجلا فعض يده، فانتزعها، فندرت ثنيته فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأهدرها، وقال: «أتريد أن يضع يده في ف...

من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من تطبب، ولا يعلم منه طب، فهو ضامن» قال نصر، قال: حدثني ابن جريج قال أبو داود:...

أيما طبيب تطبب على قوم لا يعرف له تطبب قبل ذلك فأ...

عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، حدثني بعض الوفد الذين، قدموا على أبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما طبيب تطبب على قوم، لا يعرف له تط...