2922- عن ابن عباس، في قوله تعالى: (والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم) قال: «كان المهاجرون حين قدموا المدينة تورث الأنصار، دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم»، فلما نزلت هذه الآية: {ولكل جعلنا موالي مما ترك} [النساء: ٣٣] قال: نسختها: {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} [النساء: ٣٣] من النصر والنصيحة والرفادة، ويوصي له، وقد ذهب الميراث "
إسناده صحيح.
أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه البخاري (٢٢٩٢)، والنسائي في "الكبرى" (٦٣٨٤) و (١١٠٣٧) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد.
وهو في "شرح مشكل الآثار" بإثر الحديث (١٦١٧).
قال الحافظ في "الفتح" ٨/ ٢٤٩: ويحتمل أن يكون النسخ وقع مرتين: الأولى حيث كان المعاقد يرث وحده دون العصبة، فنزلت {ولكل}، وهي آية الباب فصاروا جميعا يرثون، وعلى هذا يتنزل حديث ابن عباس، ثم نسخ ذلك آية الأحزاب وخص الميراث بالعصبة، وبقي للمعاقد النصر والإرفاد ونحوهما، وعلى هذا يتنزل بقية الآثار، وقد تعرض له ابن عباس في حديثه أيضا لكن لم يذكر الناسخ الثاني، ولا بد منه.
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( تُوَرَّث ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ الْمُهَاجِرُونَ وَتَأْنِيث الضَّمِير بِتَأْوِيلِ الْجَمَاعَة ( الْأَنْصَار ) : بِالنَّصْبِ , وَالْمَعْنَى أُعْطُوا الْمِيرَاث مِنْ الْأَنْصَار ( دُون ذَوِي رَحِمه ) : أَيْ أَقَارِبه.
وَلَفْظ الْبُخَارِيّ فِي التَّفْسِير " كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَة يُوَرَّث الْمُهَاجِرِيّ الْأَنْصَارِيّ دُون ذَوِي رَحِمه " ( لِلْأُخُوَّةِ ) : مُتَعَلِّق بِتُوَرَّث ( بَيْنهمْ ) : أَيْ بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار ( وَلِكُلٍّ ) : أَيْ مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء ( جَعَلْنَا مَوَالِيَ ) : وُرَّاثًا يَلُونَهُ وَيُحْرِزُونَهُ.
قَالَهُ النَّسَفِيّ.
وَقَالَ الْخَازِن : يَعْنِي وَرَثَة مِنْ بَنِي عَمّ وَإِخْوَة وَسَائِر الْعَصَبَات ( مِمَّا تَرَكَ ) : يَعْنِي يَرِثُونَ مِمَّا تَرَكَ وَبَقِيَّة الْآيَة { الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } مِنْ مِيرَاثهمْ فَعَلَى هَذَا الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ هُمْ الْمُوَرَّثُونَ اِنْتَهَى ( قَالَ ) : اِبْن عَبَّاس ( نَسَخَتْهَا ) : كَذَا فِي جَمِيع النُّسَخ.
وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي شَرْح الْبُخَارِيّ قَالَ نَسَخَتْهَا { وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } كَذَا فِي جَمِيع الْأُصُول.
وَالصَّوَاب كَمَا قَالَهُ اِبْن بَطَّال إِنَّ الْمَنْسُوخَة { وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } وَالنَّاسِخَة { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } وَكَذَا وَقَعَ فِي الْكَفَالَة وَالتَّفْسِير مِنْ رِوَايَة الصَّلْت بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِي أُسَامَة فَلَمَّا نَزَلَتْ { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } نُسِخَتْ.
وَقَالَ اِبْن الْمُنِير : الضَّمِير فِي قَوْله نَسَخَتْهَا عَائِد عَلَى الْمُؤَاخَاة لَا عَلَى الْآيَة , وَالضَّمِير فِي نَسَخَتْهَا وَهُوَ الْفَاعِل الْمُسْتَتِر يَعُود عَلَى قَوْله { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } وَقَوْله { وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } بَدَل مِنْ الضَّمِير.
وَأَصْل الْكَلَام لَمَّا نَزَلَتْ { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } نُسِخَتْ { وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ }.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : فَاعِل نَسَخَتْهَا آيَة جَعَلْنَا وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ مَنْصُوب بِإِضْمَارِ أَعْنِي.
وَالْمُرَاد أَنَّ قَوْله تَعَالَى { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا } نَسَخَ حَكِيم الْمِيرَاث الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ { وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ آخَى بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِتِلْكَ الْأُخُوَّة وَيَرَوْنَهَا دَاخِلَة فِي قَوْله تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } فَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } نَسَخَ الْمِيرَاث بَيْن الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَبَقِيَ النُّصْرَة وَالرِّفَادَة وَجَوَاز الْوَصِيَّة لَهُمْ اِنْتَهَى ( الرِّفَادَة ) : بِكَسْرِ الرَّاء الْمُعَاوَنَة ( وَيُوصِي لَهُ ) : بِكَسْرِ الصَّاد أَيْ لِلْحَلِيفِ ( وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاث ) : أَيْ نُسِخَ حُكْم الْمِيرَاث بِالْمُؤَاخَاةِ.
قَالَ الْخَازِن : فَذَهَبَ قَوْم إِلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } مَنْسُوخ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } وَذَهَبَ قَوْم إِلَى أَنَّ الْآيَة لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ بَلْ حُكْمهَا بَاقٍ وَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ { وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } الْحُلَفَاء , وَالْمُرَاد مِنْ قَوْله { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } يَعْنِي مِنْ النُّصْرَة وَالنَّصِيحَة وَالْمُوَافَاة وَالْمُصَافَاة وَنَحْو ذَلِكَ , فَعَلَى هَذَا لَا تَكُون مَنْسُوخَة.
وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر الصِّدِّيق كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ , وَعَلَى هَذَا فَلَا نَسْخ أَيْضًا.
فَمَنْ قَالَ إِنَّ حُكْم الْآيَة بَاقٍ قَالَ إِنَّمَا كَانَتْ الْمُعَاقَدَة فِي الْجَاهِلِيَّة عَلَى النُّصْرَة لَا غَيْر وَالْإِسْلَام لَمْ يُغَيِّر ذَلِكَ , وَيَدُلّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ جُبَيْر بْن مُطْعِم مَرْفُوعًا ثُمَّ ذَكَرَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَاب التَّالِي.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيُّ.
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنِي إِدْرِيسُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } قَالَ كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ تُوَرَّثُ الْأَنْصَارَ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ } قَالَ نَسَخَتْهَا { وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } مِنْ النَّصْرِ وَالنَّصِيحَةِ وَالرِّفَادَةِ وَيُوصِي لَهُ وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ
عن داود بن الحصين، قال: كنت أقرأ على أم سعد بنت الربيع - وكانت يتيمة في حجر أبي بكر - فقرأت: {والذين عقدت أيمانكم} [النساء: ٣٣]، فقالت: لا تقرأ: {والذ...
عن ابن عباس، " {والذين آمنوا وهاجروا} [الأنفال: ٧٤] {والذين آمنوا ولم يهاجروا} [الأنفال: ٧٢] فكان الأعرابي لا يرث المهاجر، ولا يرثه المهاجر، فنسختها...
عن جبير بن مطعم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية، لم يزده الإسلام إلا شدة»
عن أنس بن مالك، يقول: حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دارنا، فقيل له: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حلف في ا...
عن سعيد، قال: كان عمر بن الخطاب: يقول: الدية للعاقلة، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا، حتى قال له الضحاك بن سفيان: كتب إلي رسول الله صلى الله عليه وس...
عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع عليهم، وهو مسئول عنهم، والرجل...
عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإنك إذا أعطيتها عن مسألة وكلت فيها إلى نفسك، وإ...
عن أبي موسى، قال: انطلقت مع رجلين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتشهد أحدهما، ثم قال: جئنا لتستعين بنا على عملك، وقال الآخر: مثل قول صاحبه، فقال: «إن أ...
عن أنس، «أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين»