حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

دية أعضاء الجسد - سنن أبي داود

سنن أبي داود | كتاب الديات باب ديات الأعضاء (حديث رقم: 4564 )


4564- عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم دية الخطإ على أهل القرى أربع مائة دينار، أو عدلها من الورق، ويقومها على أثمان الإبل، فإذا غلت رفع في قيمتها، وإذا هاجت رخصا نقص من قيمتها، وبلغت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين أربع مائة دينار إلى ثمان مائة دينار، وعدلها من الورق ثمانية آلاف درهم، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل البقر مائتي بقرة، ومن كان دية عقله في الشاء فألفي شاة، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن العقل ميراث بين ورثة القتيل على قرابتهم، فما فضل فللعصبة» قال: وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنف إذا جدع الدية كاملة، وإذا جدعت ثندوته فنصف العقل خمسون من الإبل أو عدلها من الذهب، أو الورق أو مائة بقرة أو ألف شاة، وفي اليد إذا قطعت نصف العقل، وفي الرجل نصف العقل، وفي المأمومة ثلث العقل، ثلاث وثلاثون من الإبل، وثلث أو قيمتها من الذهب، أو الورق، أو البقر، أو الشاء، والجائفة مثل ذلك وفي الأصابع في كل أصبع عشر من الإبل، وفي الأسنان في كل سن خمس من الإبل، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عقل المرأة بين عصبتها من كانوا لا يرثون منها شيئا إلا ما فضل عن ورثتها، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها، وهم يقتلون قاتلهم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس للقاتل شيء، وإن لم يكن له وارث فوارثه أقرب الناس إليه، ولا يرث القاتل شيئا» قال محمد: هذا كله حدثني به سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو داود: «محمد بن راشد من أهل دمشق، هرب إلى البصرة من القتل»

أخرجه أبو داوود


إسناده ضعيف.
سليمان بن موسى -وهو القرشي الأموي مولاهم الأشدق- قال البخاري: عنده مناكير، وقال أبو أحمد بن عدي: روى أحاديث ينفرد بها، لا يرويها غيره.
وقال النسائي عن حديثه هذا: حديث منكر، وسليمان بن موسى ليس بالقوي في الحديث، ولا محمد بن راشد.
وانظر تمام الكلام عليه عند الحديث السالف برقم (٤٥٤١).
وتفرد سليمان أيضا برفع الحديث كله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخالف غيره كما بيناه عند الحديث السالف برقم (٤٥٤٢).
وقد تابعه على رفعه كله محمد بن إسحاق عند أحمد (٧٠٣٣)، لكنه مدلس، وقال فيه: وذكر عمرو بن شعيب.
وقد قال الإمام أحمد فيما نقله عنه العلائي في "جامع التحصيل": إذا قال ابن إسحاق: وذكر، فلم يسمعه.
قلنا: ولا يبعد أن يكون ابن إسحاق أخذه عن سليمان بن موسى من طريق رجل عنه، فإن لابن إسحاق رواية عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش المخزومي، عن سليمان بن موسى.
وكنا قد حسنا هذا الحديث في "المسند" فيستدرك من هنا.
وقوله: حدثنا أبو بكر صاحب لنا ثقة، قال ابن داسه: هو أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم العطار الأبلي.
وأخرجه مختصرا النسائي في "الكبرى" (٦٩٧٦) من طريق محمد بن راشد، بهذا الإسناد.
وقال: هذا حديث منكر، وسليمان بن موس ليس بالقوي في الحديث، ولا محمد بن راشد.
قلنا: محمد بن راشد ثقة، وإنما علة الحديث تفرد سليمان بن موسى به كما بيناه.
وهو في "مسند أحمد" (٣٣) من طريق ابن إسحاق قال: وذكر عمرو بن شعيب.
وقد سلف في الحديث الذي قبله ذكر دية الأسنان وحسب من طريق حسين المعلم عن عمرو بن شعيب.
وإسناده حسن.
وانظر ما سلف برقم (٤٥٤٢).
ويشهد لذكر دية الأنف واليد والرجل والمأمومة والجائفة والأصابع والأسنان ما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند النسائي في "الكبرى" (٧٠٣٢) و (٧٠٣٣).
ويشهد لذكر دية الأصابع حديث أبي موسى السالف برقم (٤٥٥٦)، وحديث ابن عباس السالف أيضا برقم (٤٥٥٨ - ٤٥٦٢) وإسناد حديث ابن عباس صحيح.
ويشهد لذكر دية الأسنان حديث ابن عباس عند ابن ماجه (٢٦٥١) وإسناده حسن.
وصحح إسناده البوصيري في "مصباح الزجاجة".
قال الخطابي: لم يختلف العلماء في أن الأنف إذا استوعب جدعا نفيه الدية كاملة.
فأما الثندوة المذكورة في هذا الحديث، فإن كان يراد بها روثة الأنف -وهو طرفه- فقد قال أكثر العلماء: إن فيها ثلث الدية، وروي ذلك عن زيد بن ثابت، وكذلك قال مجاهد ومكحول، وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق.
وقال بعضهم: في الروثة النصف على ما جاء في الحديث، وحكاه ابن المنذر في "الاختلاف" ولم يسم قائله.
ولم يختلفوا في أن في اليدين الدية، وأن في كل يد نصف الدية، وفي الرجل الواحدة كذلك.
واختلفوا في اليد الشلاء، فروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: فيها ثلث ديتها، وكذلك قال مجاهد: وهو قول أحمد وإسحاق.
وقال الشافعي: فيها حكومة، وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه.
ولم يختلفوا في أن في المأمومة ثلث الدية.
والمأمومة: ما كان من الجراح في الرأس، وهي ما بلغت أم الدماغ.
وكذلك الجائفة فيها ثلث الدية في قول عامة أهل العلم.
(قلنا: والجائفة: هي الطعنة التي تنفذ إلى الجوف) فإذا نفذت الجائفة حتى خرجت من الجانب الآخر فإن فيها ثلثي الدية، لأنهما حينئذ جائفتان.
وأما قوله: "إن عقل المرأة بين عصبتها من كانوا، لا يرثرن منها شيئا إلا ما فضل عن ورثتها" فإنه يريد: العقل الذي يجب بسبب جنايتها على عاقلتها، يقول: إن العصبة يتحملون عقلها كما يتحملونه عن الرجل، وأنها ليست كلالعبد الذي لا تحتمل العاقلة جنايته، وإنما هي في رقبته.
وفيه دليل على أن الأب والجد لا يدخلان في العاقلة؛ لأنه قد يسهم لهما السدس، وإنما العاقلة للأعمام وأبناء العمومة، ومن كان في معناهم من العصبة.
وأما قوله: "فإن لم يكن له وارث فوارثه أقرب الناس إليه، فإنه يريد: أن بعض الورثة إذا قتل الموروث حرم ميراثه، وورثه من لم يقتل من سائر الورثة.
فإن لم يكن له وارث إلا القاتل حرم الميراث، وتدفع تركته إلى أقرب الناس منه بعد القاتل.
وهذا كالرجل يقتله ابنه، وليس له وارث غير ابنه القاتل، وللقاتل ابن، فإن ميراث المقتول يدفع إلى ابن القاتل، ويحرمه القاتل.
وقوله: "فإن قتلت، فعقلها بين ورثتها" يريد: أن الدية موروثة كسائر الأموال التي تملكها أيام حياتها يرثها زوجها.
وقد ورث النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة أشيم الضبابي من دية زوجهما.

شرح حديث (دية أعضاء الجسد)

عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي

‏ ‏( قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَجَدْت ) ‏ ‏: أَيْ حَدِيث عَمْرو بْن شُعَيْب الْمَذْكُور بَعْد هَذَا الْمَصْدَر بِقَوْلِهِ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَوِّم دِيَة الْخَطَأ ‏ ‏( وَلَمْ أَسْمَعهُ مِنْهُ ) ‏ ‏: أَيْ مِنْ شَيْبَان ‏ ‏( صَاحِب لَنَا ) ‏ ‏: أَيْ تِلْمِيذ لَنَا وَهُوَ بَدَل مِنْ أَبُو بَكْر ‏ ‏( ثِقَة ) ‏ ‏: صِفَة لِصَاحِبٍ ‏ ‏( يُقَوِّم دِيَة الْخَطَأ إِلَخْ ) ‏ ‏: مِنْ التَّقْوِيم أَيْ يَجْعَل قِيمَة دِيَة الْخَطَأ ‏ ‏( عَلَى أَهْل الْقُرَى ) ‏ ‏: جَمْع قَرْيَة ‏ ‏( أَوْ عَدْلهَا ) ‏ ‏: بِفَتْحِ أَوَّله وَيُكْسَر , قِيلَ الْعَدْل بِالْفَتْحِ مِثْل الشَّيْء فِي الْقِيمَة وَبِالْكَسْرِ مِثْله فِي الْمَنْظَر.
‏ ‏وَقَالَ الْفَرَّاء بِالْفَتْحِ مَا عَدَلَ الشَّيْء مِنْ غَيْر جِنْسه وَبِالْكَسْرِ مِنْ جِنْسه.
قَالَ الْحَافِظ اِبْن حَجَر فِي هَذِهِ الرِّوَايَة لِلْأَكْثَرِ بِالْفَتْحِ فَالْمَعْنَى أَوْ مِثْلهَا فِي الْقِيمَة ‏ ‏( مِنْ الْوَرِق ) ‏ ‏: بِكَسْرِ الرَّاء وَيُسْكَن أَيْ الْفِضَّة ‏ ‏( وَيُقَوِّمهَا ) ‏ ‏: أَيْ وَكَانَ يُقَوِّم دِيَة الْخَطَأ ‏ ‏( عَلَى أَثْمَان الْإِبِل ) ‏ ‏: جَمْع ثَمَن بِفَتْحَتَيْنِ , وَهَذِهِ الْجُمْلَة بَيَان لِقَوْلِهِ يُقَوِّم دِيَة الْخَطَأ يَعْنِي أَنَّ الْمُرَاد مِنْ تَقْوِيم دِيَة الْخَطَأ تَقْوِيم إِبِلهَا ‏ ‏( فَإِذَا غَلَتْ ) ‏ ‏: أَيْ الْإِبِل يَعْنِي زَادَ ثَمَنهَا ‏ ‏( رَفَعَ فِي قِيمَتهَا ) ‏ ‏: أَيْ زَادَ فِي قِيمَة الدِّيَة ‏ ‏( وَإِذَا هَاجَتْ ) ‏ ‏: مِنْ هَاجَ إِذَا ثَارَ أَيْ ظَهَرَتْ قِيمَتهَا ‏ ‏( رُخْصًا ) ‏ ‏: بِضَمٍّ فَسُكُون ضِدّ الْغَلَاء حَال وَالْمَعْنَى إِذَا رَخُصَتْ وَنَقَصَتْ قِيمَتهَا ‏ ‏( نَقَصَ ) ‏ ‏: أَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏( مِنْ قِيمَتهَا ) ‏ ‏: أَيْ قِيمَة الدِّيَة ‏ ‏( وَبَلَغَتْ ) ‏ ‏: أَيْ قِيمَة الدِّيَة لِلْخَطَأِ ‏ ‏( وَمَنْ كَانَ دِيَة عَقْله ) ‏ ‏: وَفِي بَعْض الرِّوَايَات كَمَا فِي الْمِشْكَاة وَعَلَى أَهْل الشَّاة أَلْفَيْ شَاة ‏ ‏( فِي الشَّاء ) ‏ ‏: جَمْع شَاة ‏ ‏( إِنَّ الْعَقْل ) ‏ ‏: أَيْ الدِّيَة ‏ ‏( مِيرَاث بَيْن وَرَثَة الْقَتِيل عَلَى قَرَابَتهمْ ) ‏ ‏: مَعْنَاهُ أَنَّ دِيَة الْقَتِيل تَرِكَة يُقْسَم بَيْن وَرَثَته كَسَائِرِ تَرِكَته ‏ ‏( فَمَا فَضَلَ ) ‏ ‏: أَيْ مِنْ سِهَام أَصْحَاب الْفَرَائِض وَهُمْ الَّذِينَ لَهُمْ سِهَام وَمَقْدِرَة فِي كِتَاب اللَّه تَعَالَى ‏ ‏( فَلِلْعَصَبَةِ ) ‏ ‏: الْعَصَبَة كُلّ مَنْ يَأْخُذ مِنْ التَّرِكَة مَا أَبْقَتْهُ أَصْحَاب الْفَرَائِض وَعِنْد الِانْفِرَاد يُحْرَز جَمِيع الْمَال ‏ ‏( إِذَا جُدِعَ ) ‏ ‏: أَيْ قُطِعَ وَالْمُرَاد إِذَا اِسْتَوْعَبَ فِي الْقَطْع ‏ ‏( الدِّيَة ) ‏ ‏: بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّة ‏ ‏( كَامِلَة ) ‏ ‏: حَال مِنْ الدِّيَة ‏ ‏( وَإِنْ جُدِعَتْ ثُنْدُوَتُهُ ) ‏ ‏: بِضَمِّ مُثَلَّثَة مَهْمُوزًا وَفَتْحهَا بِلَا هَمْز وَبَعْد الْمُثَلَّثَة نُون وَالْمُرَاد بِهَا هَاهُنَا أَرْنَبَة الْأَنْف أَيْ طَرَفه وَمُقَدَّمه كَذَا فِي فَتْح الْوَدُود ‏ ‏( خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِل ) ‏ ‏: بَيَان النِّصْف ‏ ‏( أَوْ عَدْلهَا ) ‏ ‏: بِالرَّفْعِ عَطْف عَلَى خَمْسُونَ ‏ ‏( وَفِي الْمَأْمُومَة ) ‏ ‏: أَيْ الشَّجَّة الَّتِي تَصِل إِلَى جِلْدَة تُسَمَّى أُمّ الدِّمَاغ وَاشْتِقَاق الْمَأْمُومَة مِنْهُ ‏ ‏( ثَلَاث وَثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِل ) ‏ ‏: بَيَان ثُلُث الْعَقْل ‏ ‏( وَثُلُث ) ‏ ‏: أَيْ ثُلُث قِيمَة إِبِل ‏ ‏( وَالْجَائِفَة ) ‏ ‏: أَيْ وَفِي الْجَائِفَة وَهِيَ الطَّعْنَة الَّتِي تَصِل إِلَى جَوْف الرَّأْس أَوْ الْبَطْن أَوْ الظَّهْر.
‏ ‏قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فَإِنْ نَفَذَتْ الْجَائِفَة حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ الْجَانِب الْآخَر فَإِنَّ فِيهَا ثُلُثَيْ الدِّيَة لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ جَائِفَتَانِ ‏ ‏( أَنَّ عَقْل الْمَرْأَة ) ‏ ‏: أَيْ الدِّيَة الَّتِي وَجَبَتْ بِسَبَبِ جِنَايَتهَا ‏ ‏( بَيْن عَصَبَتهَا ) ‏ ‏: أَيْ هُمْ يَتَحَمَّلُونَهَا ‏ ‏( مَنْ كَانُوا لَا يَرِثُونَ مِنْهَا ) ‏ ‏: أَيْ مِنْ الْمَرْأَة وَهَذِهِ صِفَة كَاشِفَة لِلْعَصَبَةِ أَيْ دِيَة الْمَرْأَة الْقَاتِلَة يَتَحَمَّلهَا عَصَبَتهَا الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ مِنْهَا ‏ ‏( إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتهَا ) ‏ ‏: أَيْ ذَوِي الْفَرَائِض.
‏ ‏قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يَقُول إِنَّ الْعَصَبَة يَتَحَمَّلُونَ عَقْلهَا كَمَا يَتَحَمَّلُونَ عَنْ الرَّجُل وَأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْعَبْدِ الَّذِي لَا يَحْمِل الْعَاقِلَة جِنَايَته وَإِنَّمَا هِيَ فِي رَقَبَته.
وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْأَب وَالْجَدّ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْعَاقِلَة لِأَنَّهُ يُسْهِم لَهُمَا السُّدُس وَإِنَّمَا الْعَاقِلَة الْأَعْمَام وَأَبْنَاء الْعُمُومَة وَمَنْ كَانَ فِي مَعْنَاهُمْ مِنْ الْعَصَبَة اِنْتَهَى ‏ ‏( فَإِنْ قُتِلَتْ ) ‏ ‏: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ الْمَرْأَة ‏ ‏( فَعَقْلهَا ) ‏ ‏: أَيْ دِيَتهَا ‏ ‏( بَيْن وَرَثَتهَا ) ‏ ‏: أَيْ سَوَاء كَانُوا أَصْحَاب الْفَرَائِض أَوْ عَصَبَة , فَإِنَّ دِيَة الْمَرْأَة الْمَقْتُولَة كَسَائِرِ تَرِكَتهَا فَلَا تَخْتَصّ بِالْعَصَبَةِ بَلْ تُقَسَّم أَوَّلًا بَيْن أَصْحَاب الْفَرَائِض فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْء يُقْسَم بَيْن الْعَصَبَة.
بِخِلَافِ دِيَة الْمَرْأَة الْقَاتِلَة الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا بِسَبَبِ قَتْلهَا فَإِنَّ الْعَصَبَة يَتَحَمَّلُونَهَا خَاصَّة دُون أَصْحَاب الْفَرَائِض.
‏ ‏قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيد أَنَّ الدِّيَة مَوْرُوثَة كَسَائِرِ الْأَمْوَال الَّتِي تَمْلِكهَا أَيَّام حَيَاتهَا يَرِثهَا زَوْجهَا.
وَقَدْ وَرِثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِمْرَأَة أَشْيَم الضِّبَابِيّ مِنْ دِيَة زَوْجهَا ‏ ‏( وَهُمْ ) ‏ ‏: أَيْ وَرَثَتهَا ‏ ‏( يَقْتُلُونَ قَاتِلهمْ ) ‏ ‏: الظَّاهِر أَنْ يَكُون قَاتِلهَا أَيْ قَاتِل الْمَرْأَة وَلَكِنْ أُضِيفَ الْقَاتِل إِلَى الْوَرَثَة لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ بِقَتْلِهِ , فَالْإِضَافَة لِأَدْنَى مُنَاسَبَة.
وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَرَثَة يَرِثُونَ دِيَة الْمَرْأَة الْمَقْتُولَة وَيَأْخُذُونَهَا وَهُمْ يَقْتُلُونَ قَاتِلهَا فَهُمْ مُخْتَارُونَ إِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَة وَلَمْ يَقْتُلُوا قَاتِلهَا وَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا قَاتِلهَا وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ حَقٌّ فِي وَاحِد مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ ‏ ‏( لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْء ) ‏ ‏: أَيْ مِنْ دِيَة الْمَقْتُول وَلَا مِنْ تَرِكَته ‏ ‏( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ) ‏ ‏: أَيْ لِلْمَقْتُولِ ‏ ‏( وَارِث ) ‏ ‏: أَيْ سِوَى الْقَاتِل ‏ ‏( فَوَارِثه أَقْرَب النَّاس إِلَيْهِ ) ‏ ‏: أَيْ إِلَى الْمَقْتُول.
‏ ‏قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَى قَوْله فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِث فَوَارِثه أَقْرَب النَّاس إِلَيْهِ أَنَّ بَعْض الْوَرَثَة إِذَا قُتِلَ الْمُوَرِّث حَرُمَ مِيرَاثه وَوَرِثَهُ مَنْ لَمْ يُقْتَل مِنْ سَائِر الْوَرَثَة.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِث إِلَّا الْقَاتِل فَإِنَّهُ يُحْرَم الْمِيرَاث وَتُدْفَع تَرِكَته إِلَى أَقْرَب النَّاس مِنْ بَعْد الْقَاتِل , وَهَذَا كَالرَّجُلِ يَقْتُلهُ اِبْنه وَلَيْسَ لَهُ وَارِث غَيْر اِبْنه الْقَاتِل وَلِلْقَاتِلِ اِبْن فَإِنَّ مِيرَاث الْمَقْتُول يَدْفَع إِلَى اِبْن الْقَاتِل وَيُحْرَم الْقَاتِل اِنْتَهَى.
‏ ‏وَقِيلَ : الْمُرَاد مِنْ قَوْله وَارِث ذُو فَرْض , وَالْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ ذُو فَرْض فَوَارِثه أَقْرَب النَّاس إِلَيْهِ مِنْ الْعَصَبَات كَذَا قِيلَ.
‏ ‏قُلْت : هَذَا غَيْر ظَاهِر بَلْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالظَّاهِر هُوَ مَا قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ فَتَدَبَّرْ ‏ ‏( قَالَ مُحَمَّد ) ‏ ‏: يَعْنِي اِبْن رَاشِد وَهَذِهِ مَقُولَة شَيْبَان ‏ ‏( هَذَا كُلّه ) ‏ ‏: أَيْ كُلّ حَدِيث رَوَاهُ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه فِي هَذَا الْمَتْن الطَّوِيل الْمُتَقَدِّم.
‏ ‏قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بْن رَاشِد الدِّمَشْقِيّ الْمَكْحُولِيّ وَقَدْ وَثَّقَهُ غَيْر وَاحِد وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْر وَاحِد.


حديث إن العقل ميراث بين ورثة القتيل على قرابتهم فما فضل فللعصبة قال وقضى رسول الله

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو دَاوُد ‏ ‏وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ ‏ ‏شَيْبَانَ ‏ ‏وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ ‏ ‏فَحَدَّثَنَاهُ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏صَاحِبٌ لَنَا ثِقَةٌ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏شَيْبَانُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ رَاشِدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏جَدِّهِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يُقَوِّمُ ‏ ‏دِيَةَ ‏ ‏الْخَطَإِ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَ مِائَةِ دِينَارٍ أَوْ ‏ ‏عَدْلَهَا ‏ ‏مِنْ ‏ ‏الْوَرِقِ ‏ ‏وَيُقَوِّمُهَا عَلَى أَثْمَانِ الْإِبِلِ فَإِذَا ‏ ‏غَلَتْ ‏ ‏رَفَعَ فِي قِيمَتِهَا وَإِذَا هَاجَتْ رُخْصًا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا وَبَلَغَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مَا بَيْنَ أَرْبَعِ مِائَةِ دِينَارٍ إِلَى ثَمَانِ مِائَةِ دِينَارٍ ‏ ‏وَعَدْلُهَا ‏ ‏مِنْ ‏ ‏الْوَرِقِ ‏ ‏ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ وَمَنْ كَانَ ‏ ‏دِيَةُ ‏ ‏عَقْلِهِ ‏ ‏فِي الشَّاءِ فَأَلْفَيْ شَاةٍ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏إِنَّ ‏ ‏الْعَقْلَ ‏ ‏مِيرَاثٌ بَيْنَ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ عَلَى قَرَابَتِهِمْ فَمَا فَضَلَ ‏ ‏فَلِلْعَصَبَةِ ‏ ‏قَالَ وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِي الْأَنْفِ إِذَا ‏ ‏جُدِعَ ‏ ‏الدِّيَةَ ‏ ‏كَامِلَةً وَإِذَا ‏ ‏جُدِعَتْ ‏ ‏ثَنْدُوَتُهُ ‏ ‏فَنِصْفُ ‏ ‏الْعَقْلِ ‏ ‏خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ ‏ ‏عَدْلُهَا ‏ ‏مِنْ الذَّهَبِ أَوْ ‏ ‏الْوَرِقِ ‏ ‏أَوْ مِائَةُ بَقَرَةٍ أَوْ أَلْفُ شَاةٍ وَفِي الْيَدِ إِذَا قُطِعَتْ نِصْفُ ‏ ‏الْعَقْلِ ‏ ‏وَفِي الرِّجْلِ نِصْفُ ‏ ‏الْعَقْلِ ‏ ‏وَفِي ‏ ‏الْمَأْمُومَةِ ‏ ‏ثُلُثُ ‏ ‏الْعَقْلِ ‏ ‏ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَثُلُثٌ أَوْ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ ‏ ‏الْوَرِقِ ‏ ‏أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الشَّاءِ ‏ ‏وَالْجَائِفَةُ ‏ ‏مِثْلُ ذَلِكَ وَفِي الْأَصَابِعِ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الْأَسْنَانِ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏عَقْلَ ‏ ‏الْمَرْأَةِ بَيْنَ ‏ ‏عَصَبَتِهَا ‏ ‏مَنْ كَانُوا لَا يَرِثُونَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِهَا وَإِنْ قُتِلَتْ ‏ ‏فَعَقْلُهَا ‏ ‏بَيْنَ وَرَثَتِهَا وَهُمْ يَقْتُلُونَ قَاتِلَهُمْ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَوَارِثُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ وَلَا يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا ‏ ‏قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏ ‏هَذَا كُلُّهُ ‏ ‏حَدَّثَنِي بِهِ ‏ ‏سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏جَدِّهِ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو دَاوُد ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ ‏ ‏مِنْ أَهْلِ ‏ ‏دِمَشْقَ ‏ ‏هَرَبَ إِلَى ‏ ‏الْبَصْرَةِ ‏ ‏مِنْ الْقَتْلِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث سنن أبي داود

عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد ولا يقتل صاحبه

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه» قال: وزادنا خليل، عن ابن راشد، «...

في المواضح خمس

عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «في المواضح خمس»

قضى في العين القائمة السادة لمكانها بثلث الدية

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في العين القائمة السادة لمكانها بثلث الدية»

دية المقتولة على عصبة القاتلة وغرة لما في بطنها

عن المغيرة بن شعبة، أن امرأتين كانتا تحت رجل من هذيل، فضربت إحداهما الأخرى بعمود فقتلتها، وجنينها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أحد ال...

قضى في املاص المرأة بغرة عبد أو أمة

عن المسور بن مخرمة، أن عمر، استشار الناس في إملاص المرأة، فقال المغيرة بن شعبة: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قضى فيها بغرة عبد أو أمة» فقال: ائ...

قضى في جنينها بغرة وأن تقتل

عن عمر، أنه سأل عن قضية النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال: كنت بين امرأتين فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها، وجنينها...

جعل دية المقتولة على عاقلة القاتلة وبرأ زوجها وولد...

عن جابر بن عبد الله، أن امرأتين، من هذيل قتلت إحداهما الأخرى ولكل واحدة منهما زوج وولد، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتولة على عاقلة القات...

قضى دية جنينها غرة عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة ع...

عن أبي هريرة، قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى رسول الله صلى الله عليه وس...

جعل في ولدها خمس مائة شاة ونهى يومئذ عن الخذف

عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، أن امرأة، خذفت امرأة فأسقطت، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، «فجعل في ولدها خمس مائة شاة، ونهى يومئذ عن الخ...